انعقدت القمة العربية والإسلامية غير العادية بدعوة من المملكة، لمناقشة آخر التطورات على أحداث العدوان الإسرائيلي على لبنان وما سبق من أحداث عدوانية على الشعب الفلسطيني في غزة، هذه القمة أتت بما سبقها من تحركات للدول المشاركة بشكل تعاوني أو منفرد، لوقف العدوان والانتهاكات الإسرائيلية، ورغم أننا جميعا نعلم جيدا ما هي الأسباب المباشرة التي أدت الى هذا الموقف الإسرائيلي العدواني، وان القرار لم يكن عربيا ولا فلسطينيا، وإنما قرار وممارسات تخدم مصالح دول وجهات أخرى أصبح واضحا جليا أنه لا يهمها لا القضية الفلسطينية، ولا يعنيها الأمن والاستقرار اللبناني، كما هو الحال في سورية والعراق واليمن وليبيا والسودان.
الدعوة والتنظيم السعودي بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وبإدارة وإشراف مباشر من ولي العهد، وبالتنسيق المستمر الدائم مع الدول الشقيقة أو الحليفة كمصر والأردن والأشقاء في الخليج، إضافة إلى مجهودات السياسة الخارجية السعودية مع دول العالم ذات التأثير والقوة وأولها الولايات المتحدة، ولان التصاعد في العدوان الإسرائيلي يرتفع ويزداد أتت هذه القمة لتؤكد على الموقف العربي والإسلامي، ولتبعث رسالة إلى العالم كله بحقيقة الموقف وكيفية حلها والخروج من عنق الزجاجة الذي لو استمر فإن النتائج حتما ستكون خطيرة، وخطيرة جدا.
في كلمة ولي العهد التي ألقاها في افتتاح أعمال القمة غير العادية كانت كلماته وتصريحاته لا تعبر عن حقيقة الموقف السعودي فقط، بل ومن متابعتنا لردود الفعل العربي والإسلامي وجدنا أن غالبية الشعوب وجدت في كلمة سموه تعبيرا حقيقيا عما في قلوبهم، وتأكيدا على أن موقف السعودية موقف مساند حقيقي في العلن للأشقاء في فلسطين ولبنان، وان السعودية لن تخذل طموحات العرب والمسلمين، ولن ترضخ لأي ضغوطات ولن تقبل أي تسويات ولن تسير في مسارات بعيدة عن الهدف الحقيقي المنشود، وأن ما يشيعه محور الكذب والخيانة -المسمى بمحور المقاومة والممانعة- باطلا، فإنهم هم من باعوا وعبثوا وتلاعبوا بمصير الناس لتحقيق غايات تخدم مصالحهم الخاصة البحتة.
سمو ولي العهد اكد على انه لا سلام ولا علاقات مع إسرائيل الا بعد إعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، واستمرار ربط أي علاقات مع إسرائيل مستقبلا وانضباطها بالاتفاقيات والمعاهدات، وكف سياسة العدوان والتآمر، وان المنطقة قد ملت وشبعت حروبا ودمارا وصراعات، وأنه آن الأوان لكي تشهد المنطقة استقرار ونموا وازدهارا وسلاما، وانه لا مكان للمتطرفين على خارطة الشرق الأوسط الجديد، وان على الدول العظمى أن تأخذ الموقف الجدي الحقيقي لضمان إغلاق بؤر الصراع وإنهاء أسباب تأجيج المواقف، والتعاون الشامل بين الجميع لإغلاق بوابات الشر.
حضور الرئيس السوري بشار الأسد لأعمال هذه القمة يؤكد على أن السعودية دائما سباقة لمنح الفرص، وأنه لا بد أن تعود سورية الى الحضن العربي والإسلامي، وان على الشعب السوري ان يبدأ بالتعديل والتصويب بالطرق السلمية بعيدا عن التدخلات، وأنه متى ما خطا النظام السوري الحالي خطوة نحو التهدئة والإصلاح فإن العرب والمسلمين وفي مقدمتهم السعودية سيكونون أول المؤيدين والمناصرين والداعمين، كذلك الأمر في لبنان، فالخطوة الأولى لاستقراره تبدأ من الداخل، وعلى الشعب اللبناني الحر أن يمسك زمام الأمور كدولة مستقلة ذات سيادة، ودفن دويلات المليشيات.
كذلك الشعب الفلسطيني ومن يمثله من فصائل أو سلطة أو تنظيمات، فطريق الحرب المنفردة لا يخدم القضية، وان ما حدث منذ السابع من أكتوبر لا بد من التوقف عنده وتحليله، الدمار والقتل والتشريد الذي تعرض له الشعب الفلسطيني في غزة أمر ما كان يجب أن يحدث، وما قاله سمو ولي العهد أن مساعي المملكة نجحت في إقناع الكثير من دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطين، إنما دليل على القرار الأفضل الذي يتخذه الأشقاء والأخوة معا، كحلفاء تهمهم مصلحة الشعب الفلسطيني ومصيره ومستقبله، كذلك رسالة الى العالم أن سياسة الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو تضرب في صميم الاستقرار العالمي وليس الإقليمي فقط، وأنه فقط بالحوار تحل الأمور.