أهمية المرجعيات الدينية ومكانتها تعود إلى دورها الحيوي في توجيه الفرد والمجتمع نحو المعرفة الدينية الصحيحة والسلوك الإيماني الصحيح، فهي تمثل المصدر الأساسي للمعلومات الدينية والتوجيه الأخلاقي الذي يعتمد عليه الناس في حياتهم اليومية، ومن خلال تعظيم دور المرجعيات الدينية واحترامها، يمكن تعزيز مكانتها في المجتمع، والمساهمة في تعزيز القيم والأخلاق الدينية في نفوس الناس.

تفعيل دور المرجعيات لتعزيز

قيم الوسطية ونبذ الطائفية

لاشك أن المرجعيات الدينية تلعب دورًا في تعزيز الوسطية في الفكر وتعزيز الخطاب المعتدل، حيث تلعب دورًا حيويًا في تقديم تصورات تتماشى مع مبادئ الأخلاق والعدالة، وفي عالم يزداد فيه التعقيد، تصبح الحاجة إلى تفهم قيم الدين بشكل شامل وموضوعي أمرًا ملحًا، وهنا تسعى هذه المرجعيات إلى توفير إطار مرجعي يوجه الأفراد نحو التعايش السلمي ويبتعد بهم عن التطرف، والحرص على تفعيل أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية في تعزيز هذه الوسطية، كما أنها توفر المساحات للدورات التعليمية وورش العمل التي تعزز من التفكير النقدي، مما يعزز القدرة على التفريق بين ما هو جوهري ومعاصر في الدين، ما يساعد الأفراد على فهم قيم دينهم بشكل يساهم في توحيد الرؤية المجتمعية وينأى بها عن التطرف.

إن المرجعيات صمام أمان المجتمعات وهي قادرة على تعزيز الوحدة بين جميع شرائح المجتمع لمواجهة الطائفية ووضع حد لها، من خلال تبني مبادرات تفاعلية تشمل مختلف الطوائف وتعزيز الحوار بين الثقافات، وتعتبر هذه المبادرات جسورًا لا تكتفي بتقريب وجهات النظر فحسب، بل تخلق أيضًا بيئة غنية بالتنوع الثقافي والفكري، كما تسعى المرجعيات إلى تعزيز الوعي الجماعي بتفعيل التفاعل بين مختلف الشرائح، مما يسهم في بناء مجتمع يسوده التفاهم والتسامح بدلًا من الانقسامات، وإن الفعاليات الثقافية والفكرية تسهم في توسيع دائرة الفهم والتعاطف، مما ينعكس إيجابيًا على السلم الاجتماعي ويقوي لحمة المجتمع.

دور المرجعيات في تعزيز الأمن الاجتماعي ودفع المجتمع نحو تنمية شاملة

تمثل المرجعيات صوتًا متزنًا يرفض الاستغلال المعيب للنصوص الدينية من قبل الجماعات المتطرفة، فرفض أي ممارسات إرهابية أو متطرفة تُعزى إلى الدين، بتأكيد قيم التسامح، كما تسعى لتوضيح الفجوة بين التعاليم الحقيقية والممارسات الشاذة، بالتأكيد على ضرورة فهم الدين كوسيلة لتحقيق السلام والعدالة وليس كأداة للعنف، وتعمل على تنظيم حلقات نقاشية وندوات توعوية، يعزز من خلالها العلماء الوعي حول كيفية تجاوز الفهم الضيق للنصوص، ويفتحون الأبواب أمام طرق جديدة للتفكير، مستندين إلى تاريخ طويل من الاندماج والسلام.

ومن المهم الإشارة إلى دور المرجعيات في الدعوة إلى احترام سيادة القانون كأساس لحياة اجتماعية منظمة وآمنة، من خلال نشر قيم الالتزام بالقوانين والمبادئ الأخلاقية العامة، حيث تعتبر هذه المبادئ ضرورية لضمان حقوق الأفراد وحمايتهم، وتساهم من خلال برامج تعليمية وتوجيهية لاستنهاض القيم القانونية لدى الأجيال الشابة، وتدعم الفهم بأن احترام القانون يعكس التزامًا بالعدالة والشراكة المجتمعية.

إن حفظ كيان الدولة وتعزيز استقلاليتها واستخدام مواردها لصالح الجميع، يتطلب تضافر الجهود لتحقيق الاستقرار والتنمية، حيث تُدرك المرجعيات الدينية أهمية المشاركة السياسية والتفاعل المدني، وتعتبرها وسيلة المناداة إلى الإجماع على مصلحة الوطن والرفاهية الجماعية، وتروج لرؤية مستدامة للمشاركة المجتمعية من خلال تعزيز روح المواطنة وتشجيع الأفراد على الإسهام في قضايا وطنهم المحلية، كما أن المرجعيات تحرص على صيانة السلم الأهلي باعتباره يساهم في بناء مجتمع متماسك يتسم بالتعايش السلمي، عبر تنظيم فعاليات فكرية وثقافية تسهل الحوار بين مختلف الأطراف، مما يخلق بيئة صحية تسمح للجميع بالتعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بحرية، إضافة إلى ذلك تسعى المرجعيات من خلال استخدام الفنون والثقافة كمنافذ للتواصل إلى تعزيز التفاهم المتبادل وبناء جسور تواصل حقيقية تعزز الأمن الاجتماعي وتدفع عجلة التقدم نحو تنمية شاملة ومستدامة.