إنه نهج إنتاجي سعودي متقدم له القدرة على إطلاق العنان لإمدادات الليثيوم من آبار النفط غير المستغلة، مما سيسهم في أمن الطاقة المحلية ودعم التصنيع وتعزيز أهداف سياسة البيئة الأقل تلوثًا، ويُظهر إنتاج الليثيوم، الذي أصبح موردًا حيويًا، ريادة شركة أرامكو بشكل متزايد في مجال التحول الى الطاقة المتجددة والنظيفة. إنه المعدن الخفيف الضروري لإنتاج بطاريات الليثيوم التي تعمل على تشغيل كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية. هكذا سيصبح استخدام التكنولوجيا المتقدمة سمة مميزة وغير تقليدية لاستخراج الموارد غير التقليدية نحو إنتاج الليثيوم في السعودية مستقبلاً. والذي يتسق مع صناعة التعدين المتنامية في المملكة، كركيزة أساسية في رؤية 2030، لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط وتعزيز توفر الطاقة وقت الأزمات وارتفاع الأسعار، ومكانة المملكة في السوق العالمية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
لقد بدأت شركة أرامكو في إطلاق مشروع تجريبي لاستخراج الليثيوم مباشرة من المياه المالحة في آبار النفطية المهجورة، والذي حقق نجاحًا فعليًا، وسوف تنتقل من المرحلة التجريبية بشكل واسع الى مرحلة الإنتاج التجاري خلال الأعوام المقبلة. وذلك، بمشاركة شركة “Lithium Infinity” (ليهيتك) الناشئة والتابعة لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) وشركة معادن لقيادة مشروع التعدين والاستخراج المباشر لليثيوم Direct lithium Extraction (DLE) من المحاليل الملحية في آبار النفط. وهذا يعتبر إنجازًا كبيراً لشركة أرامكو، وخطوة استراتيجية مهمة نحو التحول إلى طاقة مستدامة ونظيفة وأكثر أمانًا.
وكما هو معروف يتم إنتاج الليثيوم عمومًا بوضع مياه البحر المالحة في برك تبخير كبيرة أو من مناجم الصخور الصلبة. لكن هذه المرة ستستخدم أرامكو تقنيات حديثة تم تطويرها من قبل "كاوست" لاستخراج الليثيوم مباشرة (DLE) من آبار النفط دون الحاجة إلى عمليات تبخير قد تستغرق من 13 شهرًا الى 18 شهراً. ومازال أيضًا استخراج الليثيوم من مياه البحر في مراحله الأولى، لذا ستستورد المملكة الليثيوم من الخارج من خلال استثماراتها في تشيلي وغيرها ومعالجته محلياً، إلى أن تتحول المملكة من دولة مستوردة إلى دولة منتجة لليثيوم، الذي يشهد طلباً عالميًا كبيراً مستقبلاً.
ومن المتوقع تعافى سوق الليثيوم العالمية من الضغوط الهبوطية خلال عام 2025، بعد هبوط الأسعار بنحو 90 % عن أعلى مستوياتها، وفقًا بلومبيرغ. كما من المتوقع تضاعف الطلب العالمي على الليثيوم بأكثر من أربعة أضعاف، من 720 ألف طن متري في 2022 إلى ما يقدر بنحو 3.1 مليون طن متري، وبقيمة سوقية تصل إلى 19 مليار دولارًا بحلول عام 2030، وفقًا لموقع Statista. وتتوقع ماكينزي أن يستمر الفائض في معروض الليثيوم خلال عام 2025 ولكن بوتيرة أقل، مع إعادة التوازن بحلول 2026 ثم التحول إلى العجز بحلول 2027 مع نمو الطلب وانضباط الإنتاج. وأن ينمو الطلب العالمي على المركبات الكهربائية ستة أضعاف في 2030 عن 2021، مع زيادة مبيعات الوحدات سنويًا إلى 28 مليون وحدة من 4.5 مليون وحدة خلال نفس الفترة.
فإن استخدام أرامكو لتقنيات استخراج الليثيوم المباشرة من المصادر ذات التركيز المنخفض في حقول النفط سيرفع من إنتاجها ويجعلها مجديةً اقتصاديًا، مع استهلاك أقل من الطاقة ولا حاجة لإضافة أي ملوثات أو مواد أخرى، وبقيمة اضافية في مجال التعدين والطاقة الحرارية الأرضية. كما أن برنامج الاستكشاف التعديني الذي أطلقته وزارة الصناعة والثروة المعدنية ووزارة الاستثمار سيسهم في تسريع الاستكشافات وفرص الاستثمار في المملكة واستخراج الليثيوم أيضًا من مكامنه.