أصبحت الشهرة على منصات التواصل الاجتماعي أقرب إلى الحظ منها إلى الموهبة، العديد من المشاهير لمع نجمهم وذاع صيتهم لأسباب سطحية مثل حادثة عابرة أو مظهر غريب، دون اعتبار لمستوى تعليمهم أو خبراتهم؛ وأصبحوا بين ليلة وضحاها يمتلكون تأثيرًا كبيرًا على الجماهير، وتصل رسائلهم إلى ملايين المتابعين، سواء كانت بنّاءة أم مدمّرة.
وبناءً على ذلك، بدأت الشركات تغدق على هؤلاء المشاهير مبالغ طائلة للترويج لمنتجاتها، من العطور ومستحضرات التجميل إلى العقارات.. إلى هنا يبدو الأمر طبيعيًا ومقبولًا، إذ يسهم ذلك في دعم الاقتصاد الوطني أو الترويج لمنتجات محلية، لكن الخطورة تكمن حين يتحول بعض المشاهير - دون وعي - إلى أدوات بيد شركات وجهات أجنبية تسعى عبر ميزانيات الإعلانات لتحقيق أهداف تتجاوز الربح التجاري إلى بناء صورة ذهنية محددة أو شراء ولاء المشاهير ودفاعهم عن مصالح دول أو جهات خارجية، أو على الأقل تحييدهم؛ المهم أنهم - من حيث يعلمون أو لا يعلمون - أصبحوا أدوات تسويقية لأجندات تخدم أطرافًا أجنبية، مما يشكل غزوًا واختراقًا ليس بالنعومة التي نتخيلها.
تخيّل، على سبيل المثال، شركة تحمل اسمًا يصرح بالهوية الوطنية، مثل “شركة العطور السعودية”، لكنها توجه حملاتها المبالغ فيها جدًا نحو مشاهير من جنسية أخرى، وتستهدف مجتمعًا أجنبيًا بالكامل. بل وتختار أحيانًا فئة من المشاهير الذين قد لا يعكسون صورة إيجابية عن مجتمعهم. هل سيسمح ذلك البلد لهذه الشركة بالاستمرار في حملاتها الضخمة واللافتة؟ بهذا المنطق، نحن أيضًا لنا الحق في التساؤل حول علاقة المشاهير بالمعلنين الأجانب ومدى وعيهم بتأثير هذه الحملات على مصالح وطنهم.
ليس الهدف التشكيك في وعي وولاء بعض المشاهير، بقدر لفت الانتباه إلى ظاهرة تحتاج للدراسة لحماية المحتوى الإعلامي والتجاري من مثل هذه الاختراقات، وتوعية صُنّاع المحتوى ومتابعيهم معًا، فمشاهير منصات التواصل الاجتماعي يجب ألا يتحولوا إلى أداة تخدم “القوة الناعمة” لدولة أجنبية.