المشاهير، المؤثرون، صناع المحتوى، كلهم لا بد أن يكون لهم تقييم يحدد كيفية دعمهم وصقل مواهبهم، ما ينفع الناس ويحقق الصالح العام هو الغاية وهو الوسيلة في الوقت نفسه، وما غير ذلك فهو إلى زوال، مهما انتشر بين الناس.

حدث أصبح أهمية كبيرة جدا، لأنه يتداخل في كل مجالات الحياة الإنسانية والاقتصادية والسياسية والعلمية والتجارية...الخ، مفهوم صناع التأثير قد يمكن اعتباره أحد أنواع التسويق الحديث، لكنه تسويق من نوع فاخر جدا، تسويق ذو قدرة كبيرة على الإقناع، صناع التأثير هم الذين يصنعون التأثير ويوجهونه نحو الجمهور بكل أطيافه وفئاته العمرية والثقافية والطبقية، التسويق يستهدف فئات محددة، لكن صناعة التأثير تستهدف الجميع، وتؤثر في الجميع، وتستمر عملية التأثير مع مرور الزمن ومن جيل لجيل، التأثير بل والتحكم بالرأي العام، هو ليس مهنة، بل هو سلاح فعال وقوي جدا، وكأي سلاح قد يكون له التأثير الإيجابي أو السلبي، لهذا اهتمت المملكة العربية السعودية بهذا المجال، إيمانا منها بضرورة مواكبة العصر ومخرجاته وأدواته، حتى نضمن أن يتم التوجيه لخدمة الصالح العام ودعم عمليات النمو والخطط الداعمة للازدهار والأمان بشكل عام.

وزارة الإعلام وبصفة تنظيمية مباشرة، هي المسؤولة عن إدارة ملف صناع التأثير، لأن أدوات مجتمع صناع التأثير كلها إعلامية، خاصة فيما يتعلق بالإعلام الرقمي الجديد، وما يشمله بطبيعة الحال من وسائل تواصل متنوعة ومتطورة، أو من خلال الفعاليات التي يقيمها هؤلاء الصناع بشكل فردي أو جماعي، ومن هذا ولدت فكرة مؤتمر صناع التأثير، والذي تستضيفه وزارة الإعلام، وتستضيف من خلاله أبرز هؤلاء المؤثرين وصناع المحتوى الرقمي، على كافة التخصصات والمجالات، والغاية تقريب وجهات النظر وتوحيد الجهود واتساق المحتوى، كذلك فتح الأبواب لتبادل الخبرات والتجارب المتعددة والمتنوعة، وأيضا إعطاء فرصة لكل المواهب لتعلن عن نفسها، سواء محليا أو دوليا.

مجهودات وزارة الإعلام كبيرة في هذا المجال، واهتمام معالي الوزير الأستاذ سلمان الدوسري ملحوظ ومدروس ودقيق وكبير، وأن استضافة مؤتمر صناع التأثير في المملكة، يؤكد ذلك، كما يؤكد كلام معالي الوزير في افتتاح أعمال المؤتمر في الرياض، والذي أعلن فيه عن تعاقدات وقعت تجاوزت الخمسين اتفاقية، مبادرة تصل قيمتها إلى مليار ريال سعودي، وأكد معاليه أنه سيكون هناك منصة رئيسة لعقد أكبر صفقات التأثير الرقمي في المنطقة، كذلك شهد الملتقى إحداث شراكات نوعية ذات أبعاد استراتيجية مع كبريات الشركات العالمية، وإنشاء مجموعات إعلامية ريادية، معالي الوزير كشف اللثام عن توقيع عدد من عمليات الاستحواذ والاندماج بين الشركات المحلية السعودية ونظيراتها الدولية، تهدف كلها لدعم مسيرة تعزيز عملية صناعة المحتوى والتأثير الرقمي.

معالي الوزير بين أن هناك إعادة إطلاق نسخة جديدة من مبادرة انسجام عالمي، وهي مبادرة تعنى بتطوير آليات التواصل الثقافي بين شعوب العالم المتنوعة، وهذا كله بالتعاون بدعم وشراكة مؤثرة حقيقية مع برنامج جودة الحياة وكذلك الهيئة العامة للترفيه، وصرح معالي الدوسري أنه تم إطلاق وتفعيل اكبر منصة بيانات إعلامية على مستوى الشرق الأوسط، والتي تحتوي على تقنيات منبثقة من برامج الذكاء الاصطناعي، والتي تعنى بعملية تحليل البيانات الإعلامية وتصنيفها وجعلها أكثر مواءمة في التأثير، كذلك أعلن معاليه عن إطلاق جائزة دولية عالمية خاصة لصناع التأثير، والتي سيتم اعتمادها ومنحها في النسخة المقبلة من الملتقى، وهذا يؤكد بشكل قاطع، على مدى التزام حكومة المملكة لعملية تطوير الإعلام الرقمي مستقبلا.

وزير الإعلام في حديثه الشامل، أكد أن عام 2024 كأن عام التحول الإعلامي، بينما عام 2025، سيكون عام التأكيد على جهود المملكة مطلقا على 2025 اسم عام التأثير، خاصة وأن هذه التوجهات كلها تأتي من صميم روح رؤية المملكة 2030، والتي عند انطلاقها كان عرابها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- على الدوام يؤكد أن الرياض هي عاصمة التأثير والإلهام، وأن الرياض كذلك ستكون المركز العالمي الأول في استضافة أهم وأبرز الفعاليات العالمية وأهمها فعاليات إكسبو وكأس العالم لكرة القدم.

إلهام يتخطى الأرقام، هذا هو شعار الملتقى المعتمد لهذه النسخة، وهو شعار يؤكد على أهمية تحديد وتعريف مفاهيم التأثير، والتي لا بد وأن تشمل وتحتوي على معاني أكثر عمقا وقيمة، معالي الوزير بحديثه الذي ينم عن الاحترافي والإلمام التام بمفاهيم وأهمية صناعة التأثير، خاصة وهو يؤكد على التفاصيل الصغيرة لا بد وأن تكن محل اهتمام، لأنها منفردة أو مجتمعة تحدث ذلك التأثير الواضح القوي على حياة الناس، ولأنه حياة الناس هي فوق أي اعتبار، فإن هذا التأثير على حياتهم لا بد وأن يكون مرتبطا بالأرقام القابلة للتحليل والتصنيف، بل ويتعدى ذلك إلى كيف يكون التأثير أكثر إلهاما على المتابعين، مع التأكيد على قواعد رئيسة أهمها، أنه ليس كل مشهور مؤثر، وكذلك فإن ليس كل مؤثر مشهور، لأن التأثير لا يمكن احتكاره فقط على الشاشات والمنصات التواصلية الرقمية، بل هو ممتد ومتأصل في تفاصيل حياة الآخرين البسيطة اليومية أو الدورية.

المشاهير، المؤثرون، صناع المحتوى، كلهم لا بد أن يكون لهم تقييم يحدد كيفية دعمهم وصقل مواهبهم، ما ينفع الناس ويحقق الصالح العام هو الغاية وهو الوسيلة في الوقت نفسه، وما غير ذلك فهو إلى زوال، مهما انتشر بين الناس.