منذ انطلاق برنامج التحول الوطني ورؤيتنا المباركة 2030، وأهم النتائج التي نحصل عليها يوما بعد يوم، هو تطور ونمو التفكير الإبداعي، في كل المجالات دون استثناء، الرؤية بالمختصر أمنت لنا التنظيمات اللازمة، وسلحتنا بالعلم والإمكانات المادية، توفر الراحة النفسية، تمدد الطموح نحو تقديم الأفضل بتميز عالي المستوى، تبادل الخبرات مع العالم وتوطين الصناعات والمعرفة، تغير في مفهوم الإنتاج، كل هذه الأمور جعلت من قيادة الدولة ومؤسساتها الرسمية وبالتشارك مع القطاع الخاص، تذهب نحو كل جديد مفيد، نحو كل اكتشاف كان في يوم من الأيام مجرد فكرة، أتذكر مقولة قديمة: "لا نريد أن نستورد الثلاجة من اليابان، بل نريد أن نصنعها"، لكن التطور العلمي الحديث قدم لنا مفاهيم جديدة، مثل: "لنكمل من حيث توقف الآخرون"، وكذلك أصبحنا نربط الصناعة بعوامل التكلفة والاستدامة وتوافر المواد الخام اللازمة.

مؤخرا أعلنت الهيئة العامة للطرق عن بدء استخدام نتائج الهدم في الخلطات الإسفلتية، وهذا الأمر يتم تفعليه لأول مرة على مستوى العالم، منجز بتميز سعودي بحت، العوائد من وراء هذا الإنتاج كبيرة جدا، وتحقيق استدامة نوعية، كذلك إن نتائج الهدم التي تكون غالبا إسمنتية وحديد وحجارة، ما يتم التخلص منها برميها في مناطق خاصة، سواء دفنها أو فرشها، ولكن مع مرور الوقت فإنه نحتاج إلى مساحات أكثر، غير أنه ومع هذه الفكرة الإبداعية، فإن الأمر أصبح مختلفا، لأنه في إدخال نتائج الهدم في الخلطات الإسفلتية، فإنه لا حاجة إلى مساحات لرمي هذه المخلفات، كذلك متوقع انخفاض التكلفة الإسفلتية، زيادة في سرعة العمل والإنجاز.

الهيئة العامة للطرق برئيس مجلس إدارتها معالي وزير النقل صالح الجاسر ومعالي رئيسها م. بدر الدلامي وجميع منسوبيها، حقيقة تقوم بإنجازات كبيرة جدا، وتعي جيدا حجم المسؤولية التي تضطلع بها، لأن موضوع الطرق والربط بين المدن وداخل المدن أمر حيوي ومهم جدا في كل المجالات صناعية وتجارية وسياحية وترفيهية، وليس فقط الطرق الجديدة، بل موضوع الصيانة للطرق القائمة حاليا، لأنه متى يتم استخدام هذه الطرق، فإنه يصبح لها عمر زمني تحتاج معه للصيانة والترميم والتجديد، ولدينا في المملكة شبكة طرق كبيرة وواسعة وممتدة، ومتوقع أن تمتد أكثر وتزداد أكثر، وبالتالي زيادة في الإنتاج والصيانة والاستدامة.

هذا الإبداع هو تعاون مثمر بين الهيئة وبين وزارة الإسكان، وتم تطبيقه في أمانة الأحساء، ومتوقع أن يكون لوزارة البلديات والإسكان دور كبير لما يحدث من هدم داخل المدن، حيث يلزم وجود تنظيم تشريعي، يلزم فيه صاحب المرفق المراد هدمه أن يكون لديه تطبيق أو ترتيب مسبق متى وأين وكيف يتم استخدام نتائج الهدم، حتى يتم استلامها والتأكد منها، ومن ثم إدخالها في عملية صناعة الخلطات الإسمنتية، كذلك نتمنى ولا نريد أن تدخل هذه العملية الإبداعية في مجالات أخرى تفسدها كالتجارة والاستغلال والغش.

المملكة مقبلة على الكثير من الإنجازات، وعلى الكثير من الأحداث الرئيسة، وكلما اقتربنا من العام 2030، فإن العملية تأخذ بالتسارع، وبالتالي فإننا ننتظر المزيد من هذه الأفكار والإبداعات في كل المجالات، أفكار صناعية إنتاجية، أو تطبيقات رقمية، أيا كانت الفكرة لا تخجل منها، تقدم بها، تحدث عنها، دولة العلم والعمل، هذه هي الدولة السعودية في عهد الملك سلمان ومحمد بن سلمان عراب الرؤية وفارسها -حفظهما الله- ولكي أكون صريحا وواضحا نحن ليس هدفنا المنافسة مع الآخرين، بل هدفنا هو بناء وطن مزدهر متطور قوي، والأول فهذا مكاننا الطبيعي، وأنه لا مانع أن نتابع ما حققه الآخرون من إنجازات أو إبداعات واكتشافات، وأن نطور عليها ونحسن منها.