في أحد اللقاءات التلفزيونية مع سيدة الشاشة الخليجية حياة الفهد، سألتها المذيعة: "ما الوجع الذي بداخلك؟"، فقالت: "أوجاع، وليس وجع، ونسيانها أفضل، والحديث عنها قد يُشغل البال، ونحن في عمر لا بد أن ننسى"، كلمات بسيطة قدمتها الفنانة القديرة، لكنها بمثابة "توجيه صحيح" في التعامل مع ما نعانيه من آلام، أو صدمات، أو خذلان أقرب الناس لنا، فما فائدة أن نتوقف أمام هذه الأوجاع ولا نتقدم خطوة واحدة نحو نسيانها؟ الأمر الذي قد يترتب عليه تفكير مزعج، وندم، وسهر دون أن يشعر بنا أحد.
العُمر مرة واحدة فقط، فلا يجب أن نُضيّعه بإرهاق أرواحنا، وتعب قلوبنا، ومرض مشاعرنا، بحصر علاقاتنا بأناس يعيشون أجمل لحظاتهم مع غيرنا، مما يتطلب أن نرفع قدرنا بنسيانهم، مع تفعيل خاصية "زهايمر العلاقات المُؤذية"، وكثيراً ما أواجه أشخاصا استطاعوا إعادة ترتيب أوراق حياتهم من جديد، بتجاوز أخطائهم، وبشكل جعلهم أكثر قوة وتفهّما مع الآخرين، مفضلين طي صفحة الماضي، وبدء أخرى ناصعة البياض، ورافعين شعار: "لازم ننسى"!. إلاّ أنه على الجانب الآخر، هناك من استسلم للأوجاع، والألم، والضياع، وعندما تسأله: "لماذا؟"، يرد عليك: "صدمتي كانت كبيرة، ولم أعد أثق في أحد"، وهو ما يجعلنا نضع ألف علامة تعجب لقوله، وألف علامة استفهام على قراره، فمن غير المعقول أن تتحكم بنا مشاعرنا، وتأسرنا، وتقيدنا بأشخاص أثبتت الأيام أن (معادنهم رخيصة) ولا تتوافق أبداً مع (الذهب) الذي بداخلنا، الحياة جميلة، بل وجميلة جداً، إلاّ أنها تحتاج إلى النسيان، نسيان كل ما يُعكّر صفو أوقاتنا، ونسيان كل موقف سلبي صدر من أحدهم، ونسيان من كنت تراه (الأمل) في عقلك ليُصبح (الألم) في قلبك، ونسيان من زرع (الشوك) في طريقك رغم إهدائك له (الورد)، كذلك نسيان فترات التعب التي عشتها في سبيل تحقيق طموحاتك.