تُعَدّ الطائرات بدون طيار، أو ما يُعرف بالـ"درونز"، من أهم الابتكارات التكنولوجية في العصر الحديث، حيث تمتلك تطبيقات واسعة تشمل التصوير الجوي، والمراقبة الأمنية، والخدمات اللوجستية، وحتى الاستخدامات العسكرية. ومع التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي والاتصال، أصبحت تلعب دورًا حيويًا في مجالات مثل الزراعة، والبنية التحتية، والإغاثة في حالات الطوارئ. كما تحولت إلى رياضة مثيرة تجذب آلاف المتابعين حول العالم، مع إقامة بطولات دولية تجمع نخبة الطيارين الذين يتنافسون بسرعات فائقة في سباقات مليئة بالتشويق والتحدي.

انطلقت بطولة كأس العالم لسباق الدرونز لأول مرة في عام 2016، ومنذ ذلك الحين حققت شعبية واسعة بفضل ما تقدمه من مزيج فريد بين التكنولوجيا المتطورة والإثارة الرياضية. وقد استضافت عدة دول هذه البطولة في السنوات الماضية، حيث نظمت النسخة الأخيرة في كوريا الجنوبية خلال أكتوبر الماضي. وعلى مدار الأعوام الماضية، شهدت البطولة تطورًا كبيرًا في مستوى المنافسة وعدد المشاركين، لتصبح إحدى أبرز الفعاليات العالمية في هذا المجال.

في خطوة تعكس التزام المملكة بتعزيز مكانتها في مجال الرياضات الإلكترونية، أعلن معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، عن رعاية "موسم الرياض" لكأس العالم لسباق الدرونز 2025. ستُقام البطولة في المملكة خلال الفترة من 23 إلى 25 يناير الجاري، بتنظيم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للرياضات الجوية. ومن المتوقع أن يستقطب الحدث نخبة من الطيارين المحترفين من أكثر من 50 دولة حول العالم، حيث ستشهد السباقات سرعات تصل إلى 350 كيلومتراً في الساعة.

تتميز بطولة كأس العالم للدرونز بجوائز مالية تتجاوز مليون ريال، مما يعكس حجم التنافسية والحماس الذي ينتظر المشاركين. وتُقام البطولة في منطقة "بوليفارد سيتي" بالرياض، والتي تُعَدّ إحدى أبرز الوجهات الترفيهية في "موسم الرياض". وستكون هذه البطولة هي النسخة الافتتاحية من سلسلة جولات تمتد طوال العام في دول مثل كوريا الجنوبية، وإيطاليا، وألمانيا، وإسبانيا، والسويد، حيث يتنافس المشاركون للحصول على ألقاب تُمنح لأفضل ثلاث نتائج خلال الموسم.

تُعتبر استضافة السعودية لهذا الحدث العالمي للمرة الأولى دليلًا على اهتمامها بتطوير قطاع الرياضات الإلكترونية والتقنيات الناشئة، في إطار رؤية المملكة 2030 التي تسعى لجعل السعودية مركزًا عالميًا للترفيه والرياضة. كما توفر البطولة فرصة ذهبية للمتسابقين السعوديين لاكتساب الخبرة والتنافس على مستوى دولي، مما يعزز من مكانة المملكة في هذا المجال.

يُعد "موسم الرياض" أحد أكبر الفعاليات الترفيهية في المنطقة، حيث يجذب ملايين الزوار سنويًا من داخل المملكة وخارجها، بفضل تنوع الفعاليات التي يقدمها، والتي تشمل العروض الفنية والموسيقية والرياضية والتجارب التفاعلية. ومن خلال رعاية موسم الرياض لكأس العالم للدرونز، سيتم تقديم تجربة فريدة للجماهير تجمع بين الترفيه الرياضي والعروض المبهرة التي تُقام على هامش الحدث.

لا تقتصر أهمية استضافة كأس العالم للدرونز على الجانب الرياضي فقط، بل تمتد لتشمل الأثر الاقتصادي والتقني للمملكة. فمن المتوقع أن تسهم البطولة في تعزيز قطاع السياحة الترفيهية، واستقطاب الاستثمارات في مجال التقنيات المتقدمة، مما يسهم في تحفيز الشركات الناشئة والمتخصصة في تصنيع وتطوير الدرونز. كما أنها تمثل فرصة لعرض القدرات المحلية في الابتكار، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التكنولوجيا في مختلف المجالات. إضافةً إلى ذلك، فإن البطولة توفر منصة لتبادل الخبرات بين الطيارين والمهندسين، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي في هذا المجال الواعد.

تُعد كأس العالم للدرونز 2025 فرصة مميزة لعشاق التكنولوجيا والإثارة، حيث تجمع بين أحدث التقنيات في عالم الطيران بدون طيار وروح المنافسة الشرسة بين أفضل الطيارين في العالم. واستضافة السعودية لهذا الحدث تعكس مدى التزامها بتطوير الرياضات الحديثة وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية.