لا جديد في الحديث عن الإدارة بصفتها العنصر الأهم المؤثر في نجاح أو فشل أي مشروع في أي مجال.

في مجال الرياضة خاصة كرة القدم وتحديداً مسابقاتنا المحلية نلاحظ في هذه الرياضة أن الخطاب الإعلامي الرياضي يدور -في الغالب- حول عوامل كثيرة ليس من بينها الإدارة. حالات النجاح والفشل تتعرض لتشخيص سطحي من قبل الإعلاميين/ المشجعين الذين تسيطر عليهم عاطفة الميول للأندية فيكون الناتج فكراً يركز على جزئيات تحدث داخل الملعب أو أخطاء من اللاعبين أو المدرب أو الحكم فتكون في نظرهم هي العامل المؤثر في نجاح فريق وفشل آخر.. تضخيم الجزئيات التي يحدث مثلها في كل ملاعب العالم وتحويلها إلى كوارث بفعل فاعل.

إن لم تحدث تلك الأخطاء فإن النقد غير الموضوعي سيفتح مستودع الأعذار للبحث عن مبررات أخرى.. الإدارة ليست خاضعة للتقييم في نظر بعض المشجعين الذين تحولوا إلى إعلاميين يحملون قلماً وفكراً لا علاقة له بالتقييم الموضوعي، ولذلك تدور حواراتهم وكتاباتهم حول موضوع متكرر هو التحكيم كمبرر ثابت لتبرير الفشل، فإن لم ينجح هذا المبرر تحضر مبررات أخرى جوهرها إسقاط أسباب الفشل على كل شيء إلا الإدارة! يتطور فكر الأعذار إلى تقييم أداء الأجهزة الرسمية بمعايير غير علمية وبلغة تحمل التشكيك والاتهامات.

فكر الإسقاط يقول إن من ينجح لا ينجح بالعمل الإداري وما ينتج عنه من تفاصيل تتعلق بالتخطيط والتنظيم واللوائح والإدارة المالية والاختيارات الفنية، كل ما سبق غائب عن عملية التقييم، ما يحضر هو التشكيك وتوزيع الاتهامات الإنشائية التي تعكس فكر مشجعين انفعاليين وليس نقاداً يبحثون عن الحقيقة.. النقد غير الموضوعي لا يساهم في التطوير ولا يحل المشكلات ويصل في بعض الحالات إلى طرح انفعالي ينشر التعصب الرياضي! هذا الطرح الانفعالي يحدث حتى في التعامل مع المنتخب الوطني!

ما يحدث خارج الملعب تشويه وتضليل وتوزيع اتهامات ومناكفات بين إعلاميي الأندية وطرح لا يتغير ولا يتطور لا من حيث الأسلوب ولا المحتوى ولا يواكب ما يتحقق في المملكة من تطوير في كافة المجالات.

ثمة حاجة ملحة لتطوير خطاب الإعلام الرياضي وإخراجه من دائرة الإثارة المفتعلة إلى ساحة العلم والنقد الموضوعي والتفكير الاستراتيجي والاستناد إلى لغة الأرقام والحقائق.

وثمة حاجة ملحة أيضاً لممارسة مبدأ الشفافية من قبل الجهات ذات العلاقة لتكون الحقائق واضحة للوسط الرياضي وللنقاد وللمجتمع بشكل عام، هذه الشفافية سوف تقضي على التأليف والجدل حول الحقائق الثابتة، هي الوضوح الذي يجعل المعلومات والبيانات متاحة للجميع مما يساهم في تفسير القرارات وتعزيز النزاهة والثقة بمؤسسات المجتمع..

الشفافية في عالم الرياضة سوف تساهم في تطوير الإعلام الرياضي وتعزيز الحوار الرياضي كي يصل إلى مستوى ثقافي متطور.. سوف تقضي الشفافية على الطرح المنفلت في وسائل التواصل الاجتماعي، سوف تساهم في التوعية بأهمية العمل الإداري، سوف توقف الجدل العقيم المستمر الذي حل محل العمل، سوف تجعل مشجعي الأندية والإعلاميين يطرحون في كل الظروف هذا السؤال: كيف حال الإدارة؟

إذا حضرت الشفافية واستمر الجدل حول كل شيء فإن الموضوع في هذه الحالة يندرج تحت عنوان التعصب، مع ملاحظة الفرق بين الجدل العقيم وبين النقاش العلمي.