إن تحقيق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية سيساهم مساهمة مُباشرة في تعزيز السلم والأمن والاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي، وسيضيف كثيراً للثورة الاقتصادية والصناعية والتقنية والمعلوماتية التي يسعى لتحقيقها المجتمع الدولي المُتقدم والمجتمعات الطموحة..

تعبيراً عن عُمق العلاقات التاريخية المُمتدة لقرابة المئة عام، وتأكيداً لعُمق الشراكة المتقدمة ومتانتها التي وُضعت أسسها قبل ما يقارب تسعين عاماً، وإثباتاً لسُمو الأهداف المرجوة من تعزيز العلاقات وخدمة المصالح المشتركة، وتوثيقاً في سجلات التاريخ المُشرف للعلاقات البنَّاءة والنبيلة التي تجمع المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأميركية، مُنذُ أن أسس لها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود –طيب الله ثراه – قبل مئة عام تقريباً، ابتداءً بتوقيع حكومة المملكة العربية السعودية اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال) في 1933م، وصولاً للقاء التاريخي –المعروف باتفاق كوينسي– بين الملك المؤسس عبدالعزيز –طيب الله ثراه – ورئيس الولايات المتحدة الأميركية فرانكلين روزفلت في 14 فبراير 1945م على متن الطراد يو أس أس كوينسي في البحر الأحمر، بادر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله– بالاتصال برئيس الولايات المتحدة الأميركية السيد دونالد ترمب، ليكون بذلك أول قائد دولة يتواصل مع الرئيس الأميركي بعد توليه السلطة رسمياً في 20 يناير 2025م، وليُعبر بجلاء عن المستقبل المشرق، والشراكة البنَّاءة، والعلاقات الاستراتيجية الشاملة، التي تهدف للوصول إليها القيادات السياسية في البلدين الصديقين –المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية–، وهذا الذي نجده في الخبر الذي بثته (واس) في 23 يناير 2025م، وجاء فيه، الآتي: "أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مساء اليوم اتصالاً هاتفياً بفخامة الرئيس دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الأميركية. ونقل سمو ولي العهد خلال الاتصال تهنئة خادم الحرمين الشريفين وتهنئة سموه لفخامته بمناسبة أدائه اليمين الدستورية وتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وتمنياتهما للشعب الأميركي الصديق التقدم والازدهار بقيادة فخامته. وجرى خلال الاتصال بحث سبل التعاون بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية لإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب. كما تناول الاتصال بحث تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، حيث أشار سمو ولي العهد -حفظه الله- إلى قدرة إدارة فخامة الرئيس بإصلاحاتها المتوقعة في الولايات المتحدة على خلق ازدهار اقتصادي غير مسبوق تسعى المملكة للاستفادة من فرصها المتاحة للشراكة والاستثمار، مؤكدًا رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في الأربع سنوات المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار مرشحة للارتفاع حال أتيحت فرص إضافية. من جهته، عبر فخامة الرئيس الأميركي عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد على تهنئتهما، مؤكدًا فخامته حرصه على العمل مع قيادة المملكة العربية السعودية على كل ما من شأنه خدمة مصالحهما المشتركة".

وإذا كانت هذه العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية قد أثمرت، على مدى المئة عام الماضية، نتائج عظيمة في جميع المجالات وعلى كل المستويات، فإن الطموحات المستقبلية، والتطلعات المُبتغاة، والآمال المعقودة، تهدف للارتقاء بهذه العلاقات من مستوياتها المُتقدمة والمُتميزة التي عُرفت به على مدى المئة عام الماضية في جميع المجالات، لتكون أو لتصبح شراكة استراتيجية شاملة هدفها الرئيس خدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، وغاياتها السَّامية تعزيز السلم والأمن والاستقرار والازدهار على جميع المستويات الإقليمية والدولية والعالمية. نعم، فبعد أن أثمرت الشراكة التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية نتائج عظيمة حتى أنها ساهمت مساهمة مباشرة في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة من خلال تبادل الخبرات في جميع العلوم والمعارف، ونقل التقنيات المتقدمة في جميع المجالات المدنية والخدمية والمهنية والتقنية، وتطوير وتدريب الموارد البشرية في جميع المجالات المعرفية والفكرية والمهنية والتقنية، والتعاون المتقدم في المجالات الصحية والطبية والصيدلانية والتطبيقية، وغيرها من مجالات ومستويات ساهمت فيها الشراكة المتقدمة والمتميزة بين البلدين الصديقين بخدمة المصالح العليا والمنافع العامة للشعبين الصديقين، فإن الطموحات المستقبلية التي يتطلع لها أبناء المملكة العربية السعودية هو الارتقاء بمستوى الشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية حتى تصبح علاقات استراتيجية شاملة لتتماشى مع الطموحات العظيمة التي رسمتها "رؤية السعودية 2030" الهادفة في أساسها لنقل المملكة العربية السعودية من مستوى الدول الاقتصادية إلى مستوى الدول الصناعية المتقدمة في جميع المجالات المعرفية والعلمية والتقنية والتكنولوجية والمعلوماتية.

نعم، إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي يتطلع لها أبناء المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة الأميركية هدفها الارتقاء بمكانة المملكة في المجالات الصناعية والتقنية والتكنولوجية والمعلوماتية وغيرها من المجالات وذلك من خلال التعاون المتقدم مع المؤسسات الرسمية الأميركية، والشركات الأميركية الكبرى المتميزة والنوعية والمتخصصة في مختلف المجالات الصناعية والتقنية والتكنولوجية والمعلوماتية، والمراكز التدريبية والمهنية المحترفة في المجالات التقنية والتكنولوجية والمعرفية والفكرية، وغيرها من مؤسسات وشركات ومراكز تملك القدرة والاحترافية التي تتطلع لها البرامج التنموية في المملكة العربية السعودية. وإن المملكة العربية السعودية التي استطاعت بحكمة قيادتها السياسية من تحقيق النهضة الشاملة والسير بخطوات ثابتة نحو تطوير وبناء وتنمية شعبهم وأرضهم ووطنهم حتى أصبحت دولتهم عضواً في مجموعة العشرين (G20) لأكبر عشرين اقتصاداً على المستوى العالمي خلال فترة قصيرة من الزمن، فإنها قادرة –بإذن الله تعالى– من تحقيق المراكز المتقدمة عالمياً في جميع المجالات الصناعية والتقنية والتكنولوجية والمعرفية والمعلوماتية خلال فترة وجيزة من الزمن. وهذه الحقيقة التي يعلمها المجتمع الدولي هي التي جعلت جميع الدول المتقدمة والصناعية تتطلع لتعزيز شراكاتها وعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية.

وفي الختام من الأهمية القول إن تحقيق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية سيساهم مساهمة مُباشرة في تعزيز السلم والأمن والاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي، وسيضيف كثيراً للثورة الاقتصادية والصناعية والتقنية والمعلوماتية التي يسعى لتحقيقها المجتمع الدولي المُتقدم والمجتمعات الطموحة.

نعم، فإذا كان التاريخ المُشرف للعلاقات المُتميزة بين المملكة العربية السعوية والولايات المتحدة الاميركية له بصماته الإيجابية والعظيمة على المستويات الإقليمية والدولية، فإن هذه الإيجابيات سوف تتضاعف خاصة وأن الحِكمة والعقلانية تُميز القيادات السياسية في الدولتين، وأن منهج الاعتدال والوسطية يقودان سياسات وتوجهات البلدين، وأن البناء والتنمية والتحديث والتطوير اهداف سامية يؤمن بها ويسعى لتحقيقها الشعبين الصديقين في المملكة العربية السعودية وفي الولايات المتحدة الأميركية.