يظل المريض الحلقة الأضعف في منظومة العلاج، ويقع بين شقي رحى، المستشفيات والمراكز والمستوصفات من جانب، وشركات التأمين من جانب آخر، فأطباء المنشأة الصحية يطلبون من المريض إجراء تحاليل وأشعات، وعليه أن ينتظر وصول الموافقات التأمينية، وفي كثير من الأحيان يتم الرفض التأميني، ومن ثم يرفض الطبيب كتابة ووصف الأدوية، وعلى المريض -بناء على توصية الطبيب- أن يخاطب شركة التأمين؛ ليستعطفها، أو على الأقل ليعرف أسباب الرفض، وفي الغالب تفشل مساعيه، والأدهى من ذلك كله، أن بعض شركات التأمين ترفض صرف الأدوية التي يصفها الطبيب، أو الموافقة على بعضها ورفض البعض الآخر.

ما سبق كان مجرد حالات قابلتها لمرضى عجزوا عن الحصول على خدمة صحية تأمينية، وفي حال حاول المريض الشكوى لمجلس الضمان الصحي، يأتيه الرد أن مشكلته لدى هيئة التأمين، ليصبح المريض في حيرة من أمره، إلى من يلجأ؟

ومن أغرب الردود بالرفض من شركات التأمين سواء للتحاليل وغيرها، وكذلك لبعض الأدوية، أن هذه الإجراءات، وأن ما يوصي به هذا الطبيب مبالغ فيه، وليس ضرورياً، على الرغم من مكانة الطبيب العلمية، والمنشأة الصحية التي يعمل بها، لذا يجب أن تكون هناك جهة فاصلة بين الطبيب والمنشأة الصحية من جهة، وشركة التأمين من جهة أخرى، وعلى المريض أن يظل في مقاعد المتفرجين إلى أن يأتيه الفرج ويتم البت في هذا النزاع.

بلادنا تبذل جهوداً مضنية للارتقاء بالمنظومة الصحية، وتيسيرها على المواطن والمقيم دون استثناء، وتعمل جاهدة لتحقيق مبدأ جودة الحياة لكل إنسان على أرضها.

لذلك يجب أن تكون هناك آلية واضحة بين الجهات جميعها، منشآت صحية وتأمين، وجهات رقابية، لوضع وتحديد المعايير التي يتم الرفض أو القبول لخدمة تطلبها المنشأة الصحية للمريض، والنظر أيضاً في جدوى التحاليل والأشعات التي تطلبها المستشفيات والمراكز والمستوصفات، وهل يستطيع الطبيب فحص المريض وتشخيصه دون اللجوء للتحاليل والأشعات؟ وإذا كان الأمر ليس ضرورياً فلماذا يُطلب ذلك من المريض؟ هل لتحقيق فائدة مالية للمنشأة الصحية، ومن ثم الطبيب؟، إضافة لضرورة وجود جهة معلومة بالضرورة للبت في شكاوى المرضى.

نقطة أخرى، تتمثل في عدم قبول بعض الأطباء الاستشاريين التعامل مع شركات التأمين الطبي، بالرغم أنهم يعملون لدى مستشفيات مغطاة من قبل هذه الشركات، ومن ثم يُلزم المريض الراغب في العلاج لدى هذا الاستشاري، أن يدفع تكلفة الزيارة والمراجعة نقداً، وبين رفض الاستشاري وتعنت شركات التأمين، تضيع حقوق المرضى، لتتزايد معاناتهم، وبالتالي يرتفع مؤشر الشكاوى التي تذهب إلى مجلس الضمان الصحي سنوياً، أو هيئة التأمين.

جميعنا يعلم أن النظام الصحي يُفترض أن يعتمد على التعاون بين الأطباء وشركات التأمين؛ لضمان حصول المرضى على الرعاية اللازمة دون تأخير، فالأطباء ليسوا مجبرين على إقناع شركات التأمين بكل خطوة طبية يقومون بها، مما يقلل من البيروقراطية ويسهم في تحسين تجربة المرضى.

إننا في حاجة إلى إعادة التفكير في طريقة تقديم التأمين الصحي للإنسان، بأن يكون الهدف الرئيس هو تقديم الرعاية، وليس خلق عقبات أمام المرضى، وأن يخرج المريض من تلك الدائرة، وبالتالي يكون التواصل مباشرة بين الطبيب وشركة التأمين للوصول إلى حل سريع، لا تتأخر معه الخدمة الصحية التي يطلبها المريض.