طبيعة الحياة تقوم على التواصل والعلاقات، بعضها يضيء لنا الطريق ويكون السند والرفيق، وبعضها الآخر يثقل أرواحنا ويبعث الكآبة في أعماق قلوبنا.. شغله الشاغل إطفاء كل بارقة أمل، وزرع الظنون الشريرة والتوقعات السوداوية والسيناريوهات المخيفة.. يتخفى خلف أقنعة المودة والنصح والصداقة، لكنه في الحقيقة يستهلكك ببطء، ويُشعرك بأنك أقل، مقابل جرعات متفرقة من الاهتمام، تكفي فقط لإبقائك عالقًا به.

سلبية متدثرة بالصداقة، وطاقة سامة ليست مجرد عيوب يمكن تجاوزها أو صفات يمكن التعايش معها، بل عبء لا يقتصر ضرره على مشاعرك؛ فيمتد إلى أعماق روحك، ويفسد أيامك، ويملأ فضاءك بألوان قاتمة تقتل كل متعة.

هذه العلاقات السامة ليست مبنية على المحبة أو الود أو الصداقة، بل على السيطرة والنقد المستمر والتقليل منك.. همها أن تجعلك في حالة دائمة من الدفاع والتبرير.. ومهما حاولت أن تتجاهل هذا الأذى أو تبرره، فإن الضرر يتراكم بصمت حتى يصبح ثقلًا لا يُحتمل.. وهم ليسوا بالضرورة متعمدين، بل ربما يمارسون حياتهم بطريقتهم المعتادة، حيث يعتقدون أن وصايتهم صداقة، وتعاستهم مشاركة، وظنونهم حقائق.

أخطر ما في هذه العلاقات السامة أنها لا تُفسد حياتك دفعة واحدة، بل تتسلل إلى وعيك بصمت، تعيد تشكيل أفكارك دون أن تشعر، تُغيّر قناعاتك، وتحدّ من أحلامك، وتزرع فيك الخوف حتى تتحول مع الوقت إلى سجين لا يرى قضبانه، يظن أنه باقٍ بإرادته، لكنه في الحقيقة مجرد أسير للوهم، غارق في الإحباط.

التسامح والتضحية والتجاوز صفات نبيلة، لكنها لا ينبغي أن تكون مبررًا لتحمل هذا الأذى.. فالعلاقات السامة تُحاصر فكرك، وتغرس فيك الشكوك حتى تفقد الثقة بنفسك وبالآخرين، وتتحول إلى نسخة باهتة منك، فتتخلى عن طموحاتك وأحلامك.. لذلك، لا تتردد في اتخاذ القرار، واستبدلهم بعلاقات صحية تضيف إلى حياتك، وتلهمك، وتذكّرك دائمًا بقيمتك وتميّزك، وتعينك على تجاوز عيوبك وتصحيح أخطائك؛ فالحياة قصيرة جدًا، ولا ينبغي أن تُختصر في دوائر تستنزفك، بل في علاقات تمنحك القوة وتذكي فيك الشغف وتوقد توهجك.