أسهمت وتسهم التقنية في تطوير الأداء البشري بفضل القدرات التي منحها الله للإنسان، هذا الأداء تطور في مجالات الحياة كافة، الطب، الإدارة، الصناعة، الزراعة، التعليم.. إلخ. وصل تطور التقنية إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي الذي اعتبر ثورة في عالم التقنية وخاصة في مجال العلوم الطبيعية، ومعالجة البيانات وتحليلها والمساعدة في اتخاذ القرارات وحل المشكلات.
ماذا عن دور الذكاء الاصطناعي في مجال العلوم الإنسانية؟ هل هو مفيد أو ضروري في هذا المجال؟
بعض السلبيات في هذا المجال حدثت بسبب سوء الاستخدام كما هو الحال في مجال الاتصال والإعلام والتعليم. في مجال الإدارة على سبيل المثال يلجأ بعض الموظفين إلى أحد برامج التقنية لمساعدتهم في خطاب أو بريد إلكتروني، الملاحظ على بعض الموظفين الشباب أن مهارة الكتابة باللغة العربية تحتاج إلى تطوير وهو أمر يطرح السؤال حول مخرجات التعليم.
يلجأ الموظف الذكي إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدته في كتابة خطاب أو إعداد عرض، هناك من يسأل: هل في هذه المساعدة مشكلة، أليس هذا هو دور التقنية؟ المشكلة هي الاعتماد الكلي على هذه المساعدة، المشكلة أن بعض الطلاب والموظفين يجيدون اللغة الأجنبية أكثر من اللغة العربية وهذه قضية هوية، المشكلة هي الاعتقاد أن السرعة هي معيار الجودة والنجاح في كل مجال وكل الظروف.
يقال إن من ضمن ايجابيات الذكاء الاصطناعي سرعة اتخاذ القرارات، ماذا لو كان القرار المطلوب يتعلق بإعلان حرب؟! هل المسألة رقمية فقط، أين دور الإنسان في حالة كهذه في اتخاذ القرار؟
من زاوية أخرى ثمة قلق من تبعات أخرى؛ إحداها ارتفاع نسبة البطالة، ومنها اعتماد الإنسان بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي والركون إلى الكسل ومن آثار الكسل اختفاء حافز الابتكار والإبداع.
جانب آخر بالغ الأهمية في الاعتماد الكلي على التقنية سواء في منظمات العمل أو مؤسسات التعليم هو الجانب المتعلق بالتفاعل الإنساني الذي سيتأثر إذا تحولت المجتمعات إلى مجتمعات آلية. حين يفتح الإنسان المجال للذكاء الاصطناعي ليقوم بمهام كثيرة تصل حتى المشاعر والأفكار والهواجس!
انتبه الإنسان للمحاذير في الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في مجال العلوم الإنسانية ولحالة الكسل التي وصل إليها فاتجه للذكاء الاصطناعي بهذه التوسلات: الرجاء عدم إعداد خطاب نيابة عني، لا تعبر عن مشاعري، لا تطرح آراءك نيابة عني، لا تعد لي رسالة إلكترونية، لا تكتب لي رسالة حب، دعني أفكر وأقدم الحلول والمبادرات، أعطني فرصة للإبداع، دعني أتحرك، دعني أتعلم وأعمل.. أيها الذكي؛ لا تساعدني.