لا يمكن قراءة أي واقع حالي والتخطيط للمستقبل من دون وجود بيانات يُستند إليها، خصوصاً في المشاريع التي تعتمد على التحول الرقمي، ولذلك البيانات الجيومكانية من الأدوات التي تعزّز وتدعّم المشاريع التحولية في مختلف القطاعات.

وحتى نعرف ما تعنيه البيانات الجيومكانية، فهي كل ما يتعلّق بالمواقع الجغرافية والخرائط الرقمية والصور الجوية والبيانات ثلاثية الأبعاد، وأهميتها تكمن في التخطيط العمراني، وإدارة البنية التحتية، وتحسين الخدمات الحكومية، وتطوير المدن الذكية، ولذلك تتكامل مع تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الجيومكانية بسرعة وكفاءة غير مسبوقة، ما يتيح إمكان التنبؤ بالأحداث المستقبلية وتقديم توصيات مبنية على البيانات، حيث يُوظّف في التنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل، ويساعد الجهات الحكومية على اتخاذ إجراءات استباقية.

كذلك «إنترنت الأشياء» وفّر طريقة جديدة لجمع البيانات الجيومكانية من أجهزة الاستشعار الذكية المنتشرة في المدن، والمركبات، والمباني، وحتى في الأجهزة الشخصية مثل الهواتف الذكية. هذا التكامل بين إنترنت الأشياء والبيانات الجيومكانية يتيح تحليل البيانات في الوقت الحقيقي، ما يُحسّن كفاءة الخدمات ويقلّل من تكاليف التشغيل. من جهة أخرى، تأتي تقنية «البلوك تشين» لتقديم حلول مبتكرة في تعزيز أمن البيانات الجيومكانية، حيث تضمن حماية البيانات من التلاعب أو التزوير، ويعزّز مصداقيتها ويسمح بمشاركتها بين مختلف الجهات بأمان وشفافية.

وفي المملكة أحد أبرز تطبيقات البيانات الجيومكانية هو في قطاع النقل والمواصلات، حيث يتم استخدامها لتخطيط الطرق وتحليل حركة المرور وتطوير أنظمة النقل الذكية، كذلك في قطاع البيئة والاستدامة، حيث يمكن استخدامها لمراقبة الغطاء النباتي، وتحليل تأثير التغير المناخي، وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة أعلى.

ويُستفاد من البيانات الجيومكانية في المدن الذكية مثل مشروع نيوم والقدية، في تخطيطها وتنفيذها، حيث يتم توظيفها في تصميم البنية التحتية الذكية، وإدارة الطاقة، وتحسين جودة الحياة للسكان. إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية باستخدام هذه البيانات لاتخاذ إجراءات استباقية تقلّل من الأضرار المحتملة.

أما في مجال العقارات والتخطيط العمراني، فإن البيانات الجيومكانية تساعد في تحسين التخطيط المكاني وتحديد المواقع المثالية للمشاريع الجديدة. كما أن قطاع الأمن والسلامة يستفيد أيضاً من هذه البيانات في تحسين عمليات المراقبة الأمنية والاستجابة السريعة للحوادث من خلال أنظمة تتبّع المواقع الجغرافية.

مستقبلاً، من المتوقّع أن تتوسّع استخدامات البيانات الجيومكانية في المملكة مع استمرار تطوّر التقنيات الرقمية ودعم الحكومة للمبادرات الرقمية، مما سيسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة.