تحسين جودة الحياة هو الهدف الأسمى الذي تسعى إلى تحقيقه "رؤية المملكة 2030"، ولا يقتصر تحقيق هذا الهدف على جانب دون جانب، بل يشمل جميع جوانب الحياة؛ ولأن المملكة تسعى إلى التنمية المتكاملة في جميع الجوانب، أطلقت عدة مبادرات وبرامج ومشاريع؛ للوصول إلى هذا الهدف السامي؛ ففي الجانب البيئي، وفي ظل التحديات البيئية المتلاحقة التي يمر بها العالم، والتي تؤثر على جودة الحياة، أُطلقت مبادرة السعودية الخضراء، التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- في عام 2021م.
ولتجسيد طموحات التشجير واستعادة الأراضي المتدهورة للمملكة، أطلق المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر "البرنامج الوطني للتشجير"، ليقوم بدور محوري في تعزيز استدامة الغطاء النباتي، وزيادة المساحات الخضراء في المملكة، ويشمل هذا الدور قيادة استراتيجية وطنية شاملة للتشجير واستعادة الأراضي المتدهورة، وتنسيق جهود التنفيذ على مستوى القطاعات والمناطق المختلفة، وتقديم الدعم الفني وأفضل الممارسات في مجال زراعة الأشجار والإدارة المستدامة للأراضي، بالإضافة إلى مراقبة التقدم المحرز في زراعة الأشجار، وإعادة تأهيل الأراضي. وتتكاتف جهود العديد من القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، بدعم وإشراف وتوجيه المركز؛ لزراعة 10 مليارات شجرة بما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة تحت مظلة البرنامج الوطني للتشجير، تحقيقًا لمستهدفات المبادرة الواعدة.
وأسفرت الجهود التي يقودها البرنامج، بتعاون الشركاء من كافة القطاعات -حتى الآن- عن زراعة أكثر من 137 مليون شجرة، وتأهيل ما يزيد عن 310 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه المعالجة؛ حفاظًا على مواردنا الطبيعية.
ومما يعكس التزام المملكة بتحقيق أهداف الاستدامة البيئية وتعزيز جودة الحياة تطوير المتنزهات الوطنية، ولتحقيق ذلك دشن المركز "برنامج المتنزهات الوطنية" للمساهمة في حماية الغطاء النباتي وتنميته وازدهاره، والحفاظ على المقومات الطبيعية للمتنزهات الوطنية؛ تحقيقًا لمستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، وتعزيزًا للسياحة المستدامة، عبر تمكين المتنزهات الوطنية من زيادة المعدلات النوعية والكمية للغطاء النباتي، وتحويلها إلى وجهات ذات قيمة مضافة للبيئة والاقتصاد والمجتمع، وأطلق مبادرة "تأهيل وتطوير المتنزهات الوطنية"، ومن مخرجاتها: إنشاء (17) متنزهًا، وإعادة تأهيل (12) متنزهًا وطنيًّا.
وإثراءً للتنوع الأحيائي وترسيخ مفهوم الاستدامة البيئية، تم إطلاق العديد من الكائنات الفطرية في متنزهات منطقة الرياض والقصيم والشرقية والباحة والمدينة المنورة.
وتحقيقًا لمستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، وبناءً على الأهمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية للفياض والرياض، أطلق المركز «مبادرة تأهيل الفياض والرياض» في المملكة، التي تسعى إلى إعادة تشجير 300 فيضة وروضة بزراعة أكثر من 12 مليون شجرة وشجيرة برية، وتأهيل 300 فيضة وروضة بمساحة إجمالية تزيد على 200 ألف هكتار، بالإضافة إلى تعزيز حماية الفياض والرياض من خلال مراقبتها والحفاظ على التنوع البيولوجي فيها.
إن هذه الجهود لا تعكس فقط التزام المملكة بالاستدامة البيئية، بل تُظهر أيضًا ريادتها على المستويين الإقليمي والدولي في مواجهة تحديات التغير المناخي. برؤية واضحة وشراكة فعّالة بين كافة القطاعات، تتجسد طموحات المملكة لتحويل البيئة إلى مورد مستدام يسهم في تحسين جودة الحياة لنا وللأجيال القادمة.