حذر المستشار التدريبي أنس محمد الجعوان من انتشار السلوك السادي في بيئات العمل، حيث يتعمد بعض المديرين إذلال الموظفين وإلحاق الأذى النفسي بهم دون أي شعور بالندم أو الذنب، مشيرًا إلى أن هذا السلوك يعد اضطرابًا نفسيًا يتفاوت في حدّته بين القسوة اللفظية والإيذاء الجسدي أو النفسي العنيف.
وفي حديثه لـ"الرياض"، أوضح الجعوان أن السادية مفهوم نفسي يعود إلى الكاتب الفرنسي ماركيز دي ساد، الذي صوّر في أعماله لذة إلحاق الألم بالآخرين، مشيرًا إلى أن بعض الأفراد يترجمون هذا السلوك إلى ممارسات يومية داخل العمل، مما يؤثر سلبًا على صحة الموظفين النفسية والجسدية.
وأشار الجعوان إلى أن المدير السادي يتميز بخمس سمات رئيسية، أبرزها الاستمتاع بإيذاء الآخرين، والتلاعب بهم، وانعدام التعاطف، والتفوق والاستعلاء، فضلًا عن استفزاز الضحايا عمدًا لمشاهدة ردود أفعالهم والاستمتاع بها.
وأضاف أن السادية تتجلى في عدة أشكال، فبينما يظهر بعض الأشخاص هذا السلوك في العلاقات الشخصية، يتجلى لدى آخرين في بيئات العمل، حيث يستغل المدير سلطته لإذلال موظفيه وإخضاعهم بشكل متعمد، دون أدنى إحساس بالذنب. كما قد تمتد السادية إلى مستوى المجتمعات القمعية، التي تمارس القهر النفسي والجسدي بشكل جماعي.
وحذر الجعوان من أن تعرض الموظفين للسلوك السادي في العمل قد يؤدي إلى اضطرابات القلق والاكتئاب، وانخفاض الثقة بالنفس، والشعور بالإهانة، إضافة إلى مشكلات صحية ناتجة عن التوتر والضغط النفسي المستمر، والخوف الدائم من التعامل مع المدير السادي.
ولمواجهة هذا النوع من السلوك، شدد الجعوان على أهمية وضع حدود واضحة وعدم الاستجابة لاستفزاز السادي، فضلًا عن طلب الدعم من الزملاء أو المختصين النفسيين، وفي بعض الحالات يكون الحل الأمثل هو الانسحاب من البيئة السامة بالكامل.
وفي ختام حديثه، أكد الجعوان أن السادية في بيئات العمل ليست مجرد تصرفات فردية عابرة، بل ظاهرة تحتاج إلى وعي وتدخل جاد لحماية الموظفين من آثارها المدمرة. وبينما قد يكون من الصعب تغيير شخصية المدير السادي، إلا أن الموظف يمتلك خيارات لحماية نفسه والتصدي لهذه السلوكيات بأساليب مدروسة.