<br />عندي أن السماعة عامل مشترك وجدناها تدخل في أجزاء كثيرة من حياتنا المعاصرة، المحاورات والمسامرات الأدبية والأمسيات نسمع اسم الميكرفون كأحد المحتفى بهم «مكنوا هذا من الميكرفون»، «فليتفضل فلان إلى الميكرفون «وفلان يسرق الميكرفون» إلى آخره.<br />ويمكن القول عنه: إنه محبوب مذموم ففي مصر يكثرون من استعمال مكبرات الصوت في أغلب المناسبات، في الأفراح، والمآتم والمباريات الرياضية، والمنافسات الثقافية في مدن الألعاب ويجدون في ذلكم متعة.. أو أنهم يعتقدون أن المناسبة لا تكتمل بدون ذلك الاختراع المطلوب لكل شيء..<br />أما في بلادنا فقد مرّ بفترات مد وجزر، فعندما حاول الناس تركيبه واستعماله اعترضت طائفة على أنه مخترع غريب ويُستعمل للغناء في بلاد غير المسلمين، ولا يجوز استعماله لنقل الأذان ..<br />ولا أعرف كيف تغلب أهالي أحد المدن في الخمسينيات الميلادية على ندرة «الميكرفون» فاستنبطوا وسيلة بديلة وهي استعمال جهاز راديو ـ أذكر أنه كبير الحجم ـ لنقل أمسيات النادي الثقافي في المدرسة إلى الصفوف الأخيرة من الحضور الكبير. وبطريقة ما صار الراديو المربوط إلى أداة الميكرفون الموضوع قرب فم المتحدث «يلعلع» وكأنه يدعو المارة إلى الحضور والتمتع..<br />ومر زمن وجد الناس في مكبرات الصوت شيئاً دخيلاً، واتفق البعض على وجوب إبعادها عن المساجد والجوامع وخطب الجُمع والأعياد. واختلف الناس حول كون هذه المخترعات ضمن المكروه استعمالها أو إنها شيء لابد منه شأنها شأن النظارات الطبية والمكبّرة التي يستعملها الناس لتكبير الحروف في ذلك الوقت والتي لم تكن تحتاج إلى وصفة طبية أو فحص نظر مسبق ..<br />وربما جاز لنا أن نتفق أن الإنسان عدو ما يجهل، فقد نتفق أيضاً أنه أسير ما يعرف، ولعل ما يعزز هذا الاستنتاج أن الجدل الآن يتنامى حول المبالغة والإفراط في استعمال مكبرات الصوت، وسوء تقنية القدرات التحميلية على الناقل. فيظهر الصوت متقطعاً.. ناشزاً وربما مخيفاً خصوصاً في أوقات الليل، فالناقل لا بد وأن يتواءم مع المستلم، ولا فائدة من تركيب مجموعات كبيرة من السماعات التي تأتي على شكل قُمع، على ناقل محدود التحمل.<br />@A_Althukair