<br />تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا لرعاية كبار السن وتقديم أفضل الخدمات الممكنة لهم، تماشياً مع القيم الإسلامية والاجتماعية التي تكرّس احترام وتقدير كبار السن، وذلك ضمن رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين، ومن ضمنهم كبار السن، وضمان الرعاية المتكاملة والشاملة لهم من خلال عدد من التشريعات والأنظمة. يمثل نظام حقوق كبير السن إحدى الركائز الأساسية لهذه الجهود، لضمان حماية حقوقهم وتعزيز رفاهيتهم في كافة مراحل حياتهم. هذا النظام يُعد إطارًا تشريعيًا يحدد الالتزامات والواجبات تجاه كبار السن من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.<br />تضطلع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بدور أساسي في تنفيذ هذه الرؤية، عبر تقديم طيف واسع من الخدمات المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات كبار السن. بالتعاون مع وزارة الصحة، تقدم الوزارة برامج شاملة لكبار السن تشمل الفحوصات الدورية والوقاية من الأمراض عبر خطط علاجية وغذائية متكاملة، بما يتماشى مع الاعتراف بأهمية الوقاية كوسيلة لتعزيز الصحة العامة، كما أن الرعاية النفسية والاجتماعية لكبار السن تمثل أولوية وطنية، لمعالجة التحديات النفسية التي قد يواجهها كبار السن، مثل العزلة والاكتئاب. تعمل الوزارة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والمجتمعية لتأمين الدعم العاطفي والاجتماعي وتعزيز مشاعر الانتماء والتواصل المجتمعي لكبار السن من خلال تشجيع الانخراط في الجمعيات التي تدعمهم، وتنظيم الفعاليات والأنشطة الهادفة إلى تقوية الروابط الاجتماعية.<br />فضلًا عن ذلك، تعمل الوزارة على إعداد برامج تأهيل مهني لكبار السن، بهدف تمكينهم من اكتساب مهارات جديدة تساعدهم على التفاعل بشكل أفضل مع المجتمع والعيش بكرامة واستقلالية.<br />بالنظر إلى المستقبل، هناك تحديات كبيرة في تلبية احتياجات كبار السن المتزايدة، خاصة مع تزايد عددهم نتيجة لتحسن مستوى الرعاية الصحية وارتفاع معدل الحياة، مما يفرض ضغوطًا إضافية على الموارد المتاحة. كما أن هناك حاجة مستمرة لتحديث وتجديد البنية التحتية للرعاية الصحية والاجتماعية لمواكبة الزيادة السكانية في فئة كبار السن.<br />مع ذلك، توجد فرص عديدة يمكن استغلالها لتحسين مستوى الخدمات المقدمة وتوسيعها. برزت التكنولوجيا الحديثة كتحدٍ وفرصة في آن واحد؛ حيث يمكن تطوير تطبيقات ذكية تسهّل الوصول إلى الخدمات وتوفر معلومات متجددة حول الأنشطة الصحية والاجتماعية المتاحة لكبار السن، كما تساهم في تسهيل عملية التواصل مع مقدمي الرعاية.<br />تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص يُمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق خدمات أكثر شمولية وفعالية، مستفيدين من خبرات القطاع الخاص في الابتكار والتنفيذ.<br />تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والقطاع غير الربحي يعد أساسياً لتوسيع نطاق الخدمات وتحقيق تعاون فعال في تقديم الرعاية المنزلية وخدمات الدعم المجتمعي.<br />كذلك، يُعد تحسين التعليم بشأن الاستقلالية خطوة أساسية، من خلال برامج مصممة لتعليم المهارات الحياتية الأساسية لتعزيز قدرة كبار السن على الاعتماد على أنفسهم في حياتهم اليومية.<br />إن استعراض التجارب الناجحة من الدول الأخرى يتيح الفرصة للمملكة للاستفادة من الممارسات العالمية المثلى في مجال رعاية كبار السن، خاصة في تعزيز نماذج الرعاية المجتمعية التي تهدف إلى إبقاء الكبار في بيئتهم المألوفة بدلًا من المؤسسات الصحية، وتمكينهم وظيفياً لإشغالهم في مشاريع تحسن من جودة حياتهم وتعزز من قيمتهم أسريًا ومجتمعياً، مع دعم وتشجيع الأبحاث والدراسات التي تركز على تحسين نوعية الحياة.<br />الاستثمار في رفاهية كبار السن ليس مجرد واجب اجتماعي وأخلاقي، بل هو ركيزة أساسية لبناء مجتمع متكامل، يولي كل فردٍ فيه الاحترام والتقدير اللائقين.<br />@DrLalibrahim<br /><br />