<br />في كل عام، تحتفل المملكة العربية السعودية بذكرى اليوم الوطني بفخر واعتزاز، حيث نُسطر إنجازاتنا ونرفع شعار «نحلم ونحقق»، هذا الشعار يُعبر عن الطموحات الكبيرة التي تسعى المملكة لتحقيقها ضمن رؤية 2030، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد مزدهر ومستدام يقوده جميع أبناء الوطن، لكن وسط التركيز على الشباب الواعد والجيل الذي ساهم في بناء الدولة على مدى العقود الماضية، يظهر جيل آخر يقع بين هذين الطرفين: جيل السبعينيات والمنتصف الأول من الثمانينيات، جيل وُلد في زمن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والدينية.<br />هذا الجيل هو جيل شهد الطفرة النفطية وبناء البنية التحتية، لكنه في الوقت ذاته وجد نفسه بين المطرقة والسندان من جهة، أُثقلوا بتوقعات مجتمعية ودينية وعلمية ووظيفية مقيدة، ومن جهة أخرى، لم يحصلوا على الدعم الكامل والتمكين الواضح الذي توفّر لمن سبقهم أو لمن جاء بعدهم، لهذا فهم جيل اضطُرّ للاعتماد على نفسه بشكل كامل للاستمرار في طريقه العلمي والمهني، وسط تغييرات هائلة وسريعة.<br />وعلى القدرة الكبيرة لهذا الجيل ومرونته في التكيف والتعامل مع التحديات نظرا للأحداث الكبيرة التي مرت عليه والتحولات العالمية والتكنولوجية، لكنه في الوقت ذاته يُعاني من تهميش ضمن سياسات التمكين الحالية.<br />جيل السبعينيات ومنتصف الثمانينيات خاض تجارب قاسية، وبعضهم اليوم يقودون المنظمات ويعملون بلا كلل لتحقيق التغيير المنشود، لكنهم، وللأسف، غالبًا ما يُنظر إليهم على أنهم «عابرون» في السياسة التنموية، وأنهم أقل أهمية مقارنة بالشباب الصاعد أو الجيل الذي سبقهم آباء الشباب الصاعد.<br /><br />لا يمكن الحديث عن رؤية 2030 دون إدراك أن هذا الجيل هو العمود الفقري لها، فهم يجمعون بين الخبرة والقدرة، ويعمل بجد لتطوير المؤسسات، والتعليم، وريادة الأعمال، وغيرها من المجالات الحيوية. ولكن، ومع كل هذه المسؤوليات، لم ينالوا حظ من سبقهم من الجيل السابق الذي استفاد من الطفرة الأولى في التعليم والتمكين، ولا الجيل الحالي، الذي يحظى بدعم أكبر وتمكين أوضح في ظل السياسات الحديثة.<br />رغم الميزات التي يحملوها من القدرة على تحقيق التوازن بين القيم التقليدية والابتكار الحديث لمن تربّى على مبادئ الكبار، وفي الوقت نفسه واجه التحديات الحديثة، من التغيرات التكنولوجية إلى الانفتاح على العالم، هذه الخبرات تجعل هذا الجيل جسرًا يربط بين الماضي والحاضر، ويمكنه من تحقيق أهدافه ضمن رؤية 2030، التي هي جزء من أحلامه أيضًا.<br />هذا الجيل ليس جيلًا يحتاج إلى الدعم فقط، بل هو جيل يستحق التقدير والاعتراف بدوره الحيوي، والتحديات التي يواجهها، فالبعض دفع ثمن الأدلجة والتحولات الكبرى والصدامات الأسرية والمجتمعية لأمور تحققت اليوم وتعتبر بديهية عفى عليها الزمن، والكثير استمر في الدفع إلى اليوم بالاعتماد على قدراته الذاتية، ولم يحظى بنفس الامتيازات في التمكين، بل حتى المجالات الاستشارية لم تحتسب الحكمة والخبرة اللازمة للاستمرار في بناء الوطن.<br />الجيل المنسي يحلم بالمشاركة في تحقيق مستهدفات الرؤية، وأن يكون له مكاناً مستحقاُ فيها ليس كجسر فقط بين الأجيال، بل كأحد الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها.<br />@DrLalibrahim<br />