<br />نحن مهووسون بالحب ولكن مــا الذي نعرفه حقا عنه؟ فقد نعلم بالفطرة أنه لا شيء في هذه الحياة أعظم تأثيرا على سعادتنا من تجربة حب نخوضها بنجاح حتى النهاية، وأنه لا شيء يمنحنا القوة والأمان أكثر من وجود شخص يحبنــا، و أنه في أصعب لحظات حياتنا لن تواسينا كلمـات كتلك التي تصدر ممن نحبهم، وعلى الرغم مما لدى البشرية من ذكاء كافٍ لشطر الذرة نصفين والتحليق فــي الفضاء، إلا أننا لم نصل حتى الآن لفهم واضح ومتكامل لتلك الكلمة.<br />ومازالت الفكرة السائدة عبر العصور بأن الحب غامض و مستعصي الحل كما الألغاز، أو بالنسبة للكثيرين ضرب من السحر الجارف، فقد تنطلق شرارة الحب بألف طريقة، وغيابه يهوي بنا إلى درك الكآبة، ونحن تواقون للحب ننشده و نندفع إليه بكليتنا، لكننا لا نفهمه بشكل جلي، فلقد أطلقنا عليه اسما، واعترفنا بقوته وتأثيره، وكتبنا عن روائعه ومآسيه مئات المجلدات، ولكننا ما زلنا نقف حائرين أمام الكثير من ألغازه: و ما زال السؤال الأكثر طرحا على محركات البحث «ماهو الحب»؟، و يبدو أن عدد تعريفاته بقدر ما هناك أشخاص في العالم، فماذا يعني أن نقع في الحب ؟ ولم نلهث خلفه ؟ما الذي يمكن أن يفشله ؟و كيف نطيل أمده ؟هل للحب أي معنى وهل يخضع لأي منطق ؟ و هل من المفيد حقا أن نفهم ماهية الحب بالضبط؟<br />ربما لو سألنا هذا السؤال قبل سبعين أو ستين عاما لكان جواب الأغلبية: كلا ليس مهما، ففي تلك الأزمان لم يكن أمرًا أساسيا في بناء العلاقات، بل مجرد رفاهية، وفي كثير من الأحيان موضوعا شائكا و خطرا ، حيث توصف العواطف حينها باللاعقلانية واللا منطقية، و الحب تحديدا هو العاطفة الأكثر عشوائية على الإطلاق، وبالتالي لم يكن موضوعا يليق بالعقلانيين دراسته أو الاكتراث بشأنه، أما الآن فمع تزايد اتجاهات الأفراد نحو شعارات تشجيع حب الذات و الاستقلال العاطفي، تتزايد العزلة العاطفية و الميل للعيش المستقل ويتضاءل الوقت المخصص لرعاية الوالدين والأشقاء ودعم الأصدقاء ويتم تهميش دور الأسرة الكبيرة والمجتمعات الداعمة، ويتعاظم نتيجة لذلك الدور المنوط بشريك الحياة، إذ يتوجب عليه سد كل ذلك الفراغ بنفسه، ففي هذا العصر يقوم الزوج بدور الشريك العاطفي والداعم و العائلة والصديق والمجتمع أيضا، و يتعين علينا في هذا الزمن أن نتعلّم كيف نرسم خطوط علاقات الحب التي نعيشها وكيف نسيطر على مجراها بأساليب و أدوات منهجية، لأن جودة علاقات الحب لم تعد مجرد خيار، فعندما تزدهر هذه العلاقات نستفيد جميعا، وعندما تتأذى نعاني جميعا، وعندما نتعلم منطق الحب ونبدأ في رؤيته كشيء يمكن فهمه، سنكون قادرين على التحول من عشوائية مفهوم «الوقوع في الحب» إلى منطقية مفهوم «صناعة الحب»، وتطوير المزيد من الوعي في قدرتنا على العمل مع علاقات الحب وتشكيلها، وبهذا نجعل الحب يدوم لأننا نعرف كيفية إصلاحه وتجديده.<br />فكلما اعتقدت أنه يمكنك التأثير على ما يحدث في الزواج، كلما حاولت الحفاظ عليه وإصلاحه، وكلما زاد الالتزام الذي تظهره، زادت فعالية جهودك، وتصبح علاقتك أكثر استقرارًا.<br />@LamaAlghalayini<br />