<br />الحياة في المدينة له جوانب إيجابية وأخرى سلبية، وكذلك هو الحال في معظم القضايا التي نتعامل معها في حياتنا، فلا يوجد فيها شيء كامل في جميع أحواله. ونحن نختار بين العيش في المدن أو الأرياف بناءً على التوزان بينهما «الإيجابيات والسلبيات». بالإضافة إلى تأثير زهو الحياة العصرية وزخرفها، والذي له سطوة ونشوة في اتخاذ القرار.<br />ومن المشاهد والمعلوم أن الحياة في المدن الكبرى تتصف بالصخب والضوضاء، وبالرتم السريع، وتوفر سبل الرفاهية، وكثرة وسائل الراحة والدعة، والولع باستخدام التقنية الحديثة.<br />وعلاوة على ما سبق، فمن عادة المدن أنها لا تنام! فالوظائف والأعمال بنظام المناوبات، والخدمات والمستلزمات الضرورية متوفرة على مدار الساعة. وكل ذلك يجعل إيقاع المدينة متسارع، ولا يكاد يتوقف حتى في مواسم الأعياد والمناسبات.<br />وموضوعنا اليوم عن «اليوم العالمي للمدن»، والذي يوافق 31 أكتوبر من كل سنة. والشعار لهذه العام «2024م» هو: «مدينة أفضل لحياة أفضل». وبحسب هيئة الأمم: «من المتوقع أن تستضيف المدن 70% من سكان العالم بحلول عام 2050، لتواجه بذلك تحديات غير مسبوقة في سياق تغير المناخ. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يعيش ما يقرب من 60% من الناس في المناطق الحضرية، حيث ستكون أعمار 60% من سكان تلك المناطق الحضرية تحت سن 18 عامًا». ومعنى ما ذكر آنفا، أن المدن تقوم وتبقى على سواعد الشباب، فهم في الغالب ينظرون إليها على أنها هي الحاضر والمستقبل.<br />وبمناسبة الحديث عن هذا اليوم العالمي، فقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية مدينة الخبر «شرق المملكة العربية السعودية» كمدينة صحية. فبحسب واس «11 محرم 1446 هـ الموافق 17 يوليو 2024 م»: «حصلت مدينة الخبر على شهادة اعتمادها مدينة صحية بعد استيفائها لـ 80 معياراً من معايير منظمة الصحة العالمية، حيث تجاوزت مدينة الخبر الصحية التقييم النهائي وحصلت على شهادة الاعتماد الدولية، لما تميزت به من حدائق وأماكن ممارسة رياضة المشي، وتعزيز الصحة من خلال المدارس ومراكز الرعاية الأولية».<br />وأعتقد أن أكبر التحديات التي تواجهها المدن بصفة العامة هي: السلامة والأمن أولا، ومن ثم قضية الملوثات البيئية، والتغييرات المناخية، والطاقة النظيفة والمستدامة، وجودة البنية التحتية. وتلك المسائل تحتاج إلى قوانين صارمة، ونظام متطور، وتعاون مجتمعي من أجل المحافظة على بيئة نظيفة وآمنة لأي مدينة كانت.<br />وحين نذكر المدن لابد من التطرق إلى السؤال البديهي وهو: هل العيش في المدينة أفضل من الريف أم العكس؟ والواقع أنه لا يوجد إجابة موحدة لهذا السؤال، إذ أن هناك عدة عوامل تجعل القرار يختلف من شخص إلى آخر، منها العمر، حيث في سن الشباب يكون الحصول على الوظيفة الأفضل أو العمل في التجارة أو غيرها من الأعمال هو من الأولويات من أجل تحسين الوضع المالي. ومن العوامل النشأة والبيئة التي تربى فيها الإنسان. ومنها كذلك طبيعة العلاقات الاجتماعية والأسرية والعامة، فكلها عوامل وأسباب توثر بشكل جذري في اتخاذ القرار.<br />وبصفة عامة الحياة في المدن تتسم بتوفر وسائل المتعة والتقنية، وكثرة الاستهلاك والنهم، والاهتمام بالمظاهر لتصبح الكماليات كأنها من الضروريات!، ولكن يظل الشعار الأعم «سرعة نمط الحياة». وفي المقابل، تتصف أجواء الأرياف «أو القرى ونحوها» بالسكينة والهدوء، والبساطة في العيش، وصفاء المناخ، والبُعد الضوضاء والأضواء، وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد اخترقت أسوارها وأسرارها!<br />ومع ذلك تظل المدن هي العنوان الأبرز للتقدم الحضاري والفكري والثقافي.<br />@abdullaghannam<br />