<br />- في أحد مراحل العمر استوقفني أحدهم من جماعة «الصحوة» بسيارتي في أحد الشوارع. فجأة سألني: هل هؤلاء أهلك؟ رديت بشكل سريع ونبرة قوية: لا.. التقطهم من الشارع. يبدو أن جوابي شكل لديه صدمة. أثناء ارتباكه رجع لأصله الطيب، قال: حاشاك، تركني أذهب في حال سبيلي، كان برفقتي أطفالي وزوجتي، البعض يعتقد أنه صاحب سلطة يتنمر بها على خلق الله، عائلة بكاملها في السيارة، ثم يسمح لنفسه بطرح هذا السؤال، ذهبت بعيدا في التحليل فظلت هذه الحادثة معلقة بذهني.<br />- عشت وشفت لأروي لكم أحداث ومشاهد غريبة على مجتمعنا الطيب والمتسامح، حد اتهامنا بالسذاجة من قبل هذه الجماعات الدخيلة على مجتمعنا بفكرها ومنهجها.<br />- هدفي التذكير بتعزيز مكانة العقل تفكيرا وحكمة وفلسفة، إذا تعطل العقل تعطلت وظيفة الفرد، العقل المسجون لا يستطيع المواجهة، ينقاد بسهولة نحو البريق الكاذب والخادع. عندما يعرف الفرد وظيفته ودوره، أيضا ما عليه من واجبات وما له من حقوق فسيكون لديه خطوط حمراء في منهج حياته لن يتجاوزها. سيصبح ممن تقول عنهم العرب: العاقل خصيم نفسه.<br />- غزت مجتمعنا الطيب قوالب من المظاهر والشكليات التعبدية، تم خلق هالة احترام وتبجيل لكل من يمارسها ويتبناها، معها أصبح كل فرد خارجها محل شك وريبة دينية، تم توظيف سوء النية للتغلغل في خصوصيات الناس، تجد كلمة «اتق الله» أحد العلامات العجيبة يرددونها كسلاح. ترسم دوائر مشبوهة حول الفرد. تجد كلمة التهديد والتحذير الشهيرة في قولهم: «لا يخسف بنا»، خلق الرعب في النفس لدى الآخر وسيلة وأداه ذات مفعول. هناك جمل أخرى تأخذ مجراها بهدف الابتزاز وتهديد الناس.<br />- هكذا عشت وشفت منهج يظهر على الجسد وحركاته. منها تغميس غطاء الراس في «النشأ» ليرسم مظلة على الجبهة والعيون، يرافقها عود مسواك ملازم لحك الأسنان وتنظيفها طوال الوقت، حتى في المجالس، وليس فقط مع الوضوء. شكليات يعيشونها. يرونها هي الإسلام، ولبّه، ومخه، وقوته، ولا ننسى تقصير الثوب بشكل غير عادي.<br />- عشت وشفت تناقضات جعلتني أتساءل: هل العبادة والتعبد وحدها تعزز الإنسان في الأرض وتمكنه؟ يكررون أمام الناس : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. عندهم أن تكون مؤمن قوي فعليك التعبد بشكل مطلق؟ أترك الحياة ونعيمها. تعبد ليل نهار. في أمريكا وجدت مناصب لهم في جماعتهم.<br />- فرض مفهوم بعينه وحصر فلسفته على بعد واحد يعد انتهاكا صارخا لمفهوم وفلسفة النصوص الدينية. هذا نتيجة منهج العقول المنغلقة التي لا ترى أبعد من أرنبة الأنف، المؤمن القوي في أمور الدنيا وعلومها المكتسبة هو الذي يحقق مساحة القوة، والهيمنة البناءة، يحقق أيضا المشاركة والمنافسة وتأثيرها الإيجابي بين أمم الأرض.<br />- عندما أراجع مرحل حياتي أجد أن الله وفقني لاتباع منهج حياة ورثته خارج دائرة التشدد والتزمت. ليس ذكاء من شخصي، لكن قيم تشبعت بها من أساتذة في المدارس. أساتذة كانوا ينيرون لنا درب المستقبل، لم أكن أدرك معالمه في حينه، بهم نجوت من جماعة مد الصحوة وتزمتهم الظاهر، ويستمر الحديث.<br />@DrAlghamdiMH<br />