<br />في كل مرة أشاهد كرة توم هانكس في فيلم «cast away» يُذكرني صمتها بنماذج بشرية لاحظتهم خلال لقاءات متفرقة، هذه الفئة أطلقتُ عليهم الصامتين لأنهم اتخذوا منهج الصمت بكامل إرادتهم وإن كانوا مجبرين، وكل إجبار في قناعتي يولّد ضعفا أو قهرا.<br />أراهم يستمعون للأحاديث ويتعايشون مع الانفعالات لكن دون أدنى مشاركة، هذا الحال الذي وصلوا إليه في رأيي مر بمراحل قبل أن يتخذ هيئته الأخيرة، قد تكون أحاديثهم تعرضت لمقاطعة مستمرة لاتطال غيرهم من المتحدثين، قد تطلق عليهم الأحكام أو بتعمد تُنهى الأحاديث بمجرد أن يشاركوا، لذا فرضوا على منطوقهم الحصار فشحب الكلام و توارى في الذات وسقط في حيز الوئد لا ينبس بحرف.<br />ظروف ذاك الصمت في نشأته الأولى ارتبط بالجلاس، وأسبابه كثيرة منها: الجهل بطريقة تفكير الصامتين لذا إن حُللوا فُهموا خطأ، وقد تكون الغفلة عن فهم درجة احساسهم لذا إن عبَّروا شوِّهت مشاعرهم، وقد تكون أزمة مفاهيمهم فما يؤمن به الصامتون يُنكره جلاسهم، لذا تراهم في حيرة يبحثون عن حل في طرق توجيه حوارهم، فيقابلهم في كل مرة ما قابلهم من قبل، ومع كل محاولة لمنهجا جديدا تتناقص رغبتهم في الحديث إلى أن يكتفون فيُسرّح الحديث ويأسره الصمت طواعية غير مبالي بالمشاركة وبالتعبير.<br />أتساءل لماذا لم يفكروا قبل أن يبحروا في الصمت بتغير وجهة أحاديثهم ؛فيغيَّرون مجموعتهم التي تتخيَّر الصد بطرق مختلفة عن مشاركاتهم؟ لماذا لم يتبادر لظنهم بأن طريقة تفكيرهم ومنهج أسلوبهم وأفاق فهمهم قد لاتتفق مع تلك المجموعة مثلا لأنهم لايفضلون التبعية ويروقهم التغيير الإيجابي والاختلاف البناء؟ هم يدركون سنن الأحاديث فبعضها يتوقف في منتصف الطريق وبعضها يستأنف المسير، بعضها قابل للنقاش وبعضها مناقشته تزلل الأركان ويفوتهم أن لكل منّا حق التعبير أو التزام الصمت؛ وقرَّار الصمت إن أُتخذ يجب ألا يكون سببه الاستضعاف أو القهر بل تكون الرغبة هي الأساس في خوض الحديث أو الإبحار في الصمت.<br />منهج:<br />اتخاذ قرار الصمت يبدأ بتردد، فإن وقع في حيّز التنفيذ أصبح قرار التراجع عنه أمراً صعباً.<br />@ALAmoudiSheika