<br />يروى أن امرأة طموحة -ولكن في الاتجاه الخاطئ- دعت ابنتها وأرادت أن تزرع هذا الطموح فيها، فقالت: يا بنتي تبيني لو بقامحة. أي يا ابنتي اظهري واجعلي اسمك معروفاً ولو بسواد الوجه. كنت أسمع هذه القصة واستغربها حتى عشت هذا الزمن ورأيت ما تبثه مواقع التواصل الاجتماعي من «قامحة» تتبع «قامحة» مع شديد الأسف.<br />فالبعض يخالف حتى يُعرف ويشتهر ولو لم يكن يملك شيئاً مذكوراً؟ والسؤال الأساسي: هل الشهرة مطلوبة؟! أبداً الشهرة ليست مطلوبة في حد ذاتها، وهي وسيلة وليست غاية، وفي الحديث الشريف يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن لبِسَ ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا، ألبَسَه اللهُ ثوبَ مذلَّةٍ يومَ القيامةِ»، ولا شك أن هذا إذا كانت هذه الشهرة فيما لا يرضي الله سبحانه، ولذلك لا يستحق الأمر كل ذلك. والأمر الأخر إن كان ولا بد: لماذا لا يبحث الإنسان عن إبقاء اسمه فيما يبقى ويُبقي؟ فهناك أمور ترفع الاسم حقيقة، بل وتشرف صاحبها وعائلته ووطنه، سواء في المجالات العلمية أو الثقافية أو الاجتماعية، فيتعب على نفسه وبالتالي سيأتيه النجاح ومن ثمّ الشهرة كنتيجة طبيعية لما بذله، وهذه النوعية من الناس كلما تقدم في مجاله زاد عقله فزهد في الناس وتوجه لرب الناس، ولذلك كان العظماء هم أهل التواضع والبعد عن الشهرة، مع أنها أتتهم راغمة، كان بشر بن الحارث الحافي رحمه الله يقول: لا يجد حلاوة الآخرة رجلٌ يحبُّ أن يعرفَه الناسُ.<br />وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: أشتهي مكانًا لا يكون فيه أحد من الناس، أريد أن أكون في بعض الشِّعاب بمكة، حتى لا أُعرَف. وكان الفضيل بن عياض يقول: إن قدرت على ألَّا تُعرَف فافعل، وما عليك ألَّا تعرف، وما عليك ألَّا يُثنى عليك، وما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس، إذا كنت محمودًا عند الله تعالى! عموماً علينا الحذر فقد قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» وكم كسب صانع محتوى الآثام بسبب محتوى.<br />@shlash2020