<br />قامت مجتمعاتنا العربية على العديد من العادات والتقاليد، منذ قديم الأزل بعضها رائع، حيث كانت الضمير الذي يهذب الروح، ويسمو بالأخلاق، وينير الطريق، كما كانت حجر أساس بني عليه المجتمع العربي العريق.<br />لكن العادات لم تقف إلى هنا، بل طغى بعضها وتجبر، فكانت بمثابة الإنسان الآلي الذي تمرد على صانعيه، ولما لا؟ وقد جعل منها بعض البشر آلهة تعبد، والخارج عنها منبوذ كافر يستحق الرجم حتى الموت، إن لم يتب فنحن سودناها على تعاليم ديننا؛ فكم لجمت الصدمة عقلي وأحكمت ربط لساتي عندما علمت أن قلة من العائلات مازلت تحرم الرؤية الشرعية بين الخاطب و خطيبته، حتى لو طرق الطلاق والفراق باب حياتهما قبل البدأ فيها ، كما أن بعض إلى الآن يرفض تزويج بناتها من خارج النسب، حتى لو وضعوا على رؤس بناتهن تيجان العنوسة، مع أن الرسول - صلى الله عليه و سلم - قال «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» ، وفي الماضي كانت تلك العادات تحرم البنات من ورثهن، ولا يخفى على أحد العادات المقيته التي كانت تجبر الزوجة على تهيئة وتزيين العروس الجديدة لزوجها، دون أي مراعاة لكونها إنسانة ولها مشاعر، أما العادة التي تنتمي لزمن سحيق ونحمد الله على اندثارها هي عدم جلوس الزوجة لتناول الطعام مع الزوج.<br />والعار الأكبر الخجل من ذكر اسم الزوجة أو الأم ومناداتها بكنية أم فلان أو حتى مناداتها بأم الغائب، إذا لم تنجب، في حين العالم كله ينادي أشرف نساء الأرض بأسمائهن المجردة، فها هي مريم ذكرت في القرآن باسمها مجردا ولم تذكر يوما بأم عيسى مع أن ولدها نبي، وها هن أمهات المسلمين، يعرفن بأسمائهن مجردة ومثلهن الصحابيات، فعجبا لكم ولعاداتكم، هل نحن أرفع مكانة منهن !!! وغيرها الكثير من العادات التي عادت المرأة.<br />ومن العادات المقيتة تبجيل الأخ الأكبر مهما ظلم وتجبر، فله الحرية المطلقة في التعدي وظلم من هم أصغر منه وعلى الصغير الانصياع له وتقبل إهاناته بسعادة، وكأنها جزيل العطاء حتى لو بلغ من الكبر عتيا، فهو الأصغر، بينما ينسى هذا الكبير أن من واجبه احتواء الصغير وتقديره.<br />وأخيرا نحمد الله على اندثار الكثير من تلك العادات، وانطفاء نيران فتنتها، التي أحرقت روابط المحبة، وقطعت الوصل، وأخرجتنا عن تعاليم ديننا، بما فيها من رحمة وعدل وإعطاء كل ذي حق حقه، فديننا هو الوحيد الذي أنصف المرأة ووضعها في المكانة التي تستحق، كما صان حق الصغير، وأعطى الرجل حق القوامة، ليبني مجتمعا قويا صلبا كالجبال، لا تهزه عاصفة ولا تفتته نائبة، لكننا اخترنا عادات عدوات مقيتات، فضلناها على تعاليم ديننا العظيمة، فكانت الكارثة التي عصفت بمجتمعاتنا، وزلزلتها لتتفكك إلى قطع صغيرة تعيش كل قطعة منها على جزيرة معزولة عن الأخرى، أما نحن السعوديات فلنا الحق أن نفخر بما وصلنا له اليوم، من تمكين للمرأة وتقلدها لأعلى المناصب، فكانت منا السفيرة و المعلمة والطبيبة، فقد فتح لنا باب العلم والتقدم على مصراعيه فأبدعت نساؤنا في وظائفهن المرموقة كما أبدعت مبتعثاتنا في مختلف الدول وكن فخر لنا وصورة مشرفة لبلادنا، حيث نشرن عبير الثقافة السعودية في أنحاء العالم ليكن مرآة للسعودية العظمى برقيها وتحضرها الذي أبهر العالم بأسره.<br />RatroutNahed@<br />