<br />وددت بداية أن أهنئ كافة الشعب السوري عودة موطنهم لهم بعد أن كان أسيرا مكبلا بيد أسرة الأسد. هذه الأسرة العلوية وأعوانهم لم تقف شرورها بحدودها، بل امتدت لتشمل البعيد والقريب، وكانت لها إسهامات مباشرة من مؤامرات في فقد الضفة الغربية ومعها القدس في فلسطين وليس الجولان فحسب، كما أشار مؤرخون غربيون عن أحداث ووقائع النكسة. وكذلك من الأضرار في لبنان وتعزيز وتأجيج الطائفية التي أكلت الأخضر واليابس بذاك البلد الجميل. وكانت فرحة غامرة حينما رأينا الصلاة بالمساجد تعاد لوضعها الصحيح، ومن الأفراج عمن بالسجون وعودتهم لأهاليهم وانفراج الهم والغمة عنهم. ورحم الله من استشهد تعذيبا وقتلا أو من أن نال صبرا وهي من الإيمان بالقدر خيره وشره الذي لا بد لأي مسلم أن يأخذ فيه وهي مشيئة الرحمن ولا راد لقدره.<br />هذه المرحلة من التاريخ ذكرتني بتلك المقالات التي كنت أكتبها كردة فعل إثر التهديد المباشرة من أحد مسؤولي وزارة الإعلام السورية عندما نشرت بوسائل التواصل أخبار ما حصل في درعة من قتل ومجازر قام بها الجيش السوري. ولم أكن مؤثرا ولست منهم أو أسعى له ولجهلي ظننت أنها أخبارا شائعة، لكن فيما يبدو أرادت حكومة الأسد طمس كل الحقائق وكتم كل الأصوات بالتهديد المباشر. وأدهشني تواصلهم معي فأنا تاجر بن تاجر ابن عالم ولا أمثل إلا نفسي، إلا أنى أحب الحق والعدالة وأنبذ العنف وأرى الأمور بمنظور اقتصادي. وكردة فعل جاءت مقالاتي الواحدة تلو الأخرى وأكثرها باسم الأسد كعنوان وجعلتني معها بالصدفة مؤرخا مطلعا على بدايات قيام الثورة.<br />في بداياتها لم تأخذ الثورة السورية طابعا دينيا أو سياسيا وكانت وطنية المنشأ علمانية التوجه، وكان من منهجها مكافحة الفساد وعمل الإصلاحات التي طالب بها بشار الأسد وتحدث عنها. ومما أذكر من تلك الفترة أن انطلقت شرارتها من أسباب القبض على مجموعة من أعضاء نقابة المحامين أثناء مسيرة نظامية لم تكن تخالف نهج الدولة، كذلك لاحقا من القبض على مجموعة من الإعلامين إثر مسيرة طالبت بالأفراج عن المحامين وكان من ضمنهم إعلامية شهيرة. وتتابعت المسيرات وما لبثت أن نمت كلما حاول النظام قمعها، حتى أن تدخل الجيش في درعا بالبطش بعد احتجاج الأهالي على شيء مختلف حقوقي عن المطالبات الأولى بدمشق مما مكن منها وجعلها ثورة على النظام.<br />وكان تواصل المجموعة الأولى التي بدأت الاحتجاج على النظام وأساليبه تتم من خلال نشر الأخبار من خلال برنامج التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ومنتدياته. ومن المؤثر أن أرى ذاك العلم الذي اختير وقتها بآلية انتخاب من تلك المجموعة الأولى وعبر ملتقيات الفيسبوك ان يصبح علما للدولة لما بعد نجاح الثورة. وأود هنا أن أعيد ما كتبت سابقا مما نقلت نصا من تلك الأخبار ومنذ سنوات طوال عن توجه الثورة السورية العام في بداياتها ولعلنا نستوعب ما يمكن أن يحدث من مطالبات ومن معطيات الحوار الوطني السوري الذي صرح عنه.<br />«وتؤكد المعارضة في نظرتها لسوريا الحرة، أن الرؤية السياسية الجديدة تقوم على بناء دولة ديمقراطية مدنية تعددية على أساس المواطنة من دون إقصاء، ترتكز على انتخابات حرة وتحترم حقوق الإنسان والحريات العامة، فضلا عن تأسيسها على مبدأ المواطنة للجميع وعدم التمييز بين أي مواطن وآخر، وفي الشأن الاقتصادي العام ومن خلال قراءة توجهات المعارضة والتي تمثلت بالعودة إلى فترة الاستقلال بعد خروج الاحتلال الفرنسي، وأيضاً إبان فترة الحكم العثماني حيث كان الاقتصاد حرا، ومن المتوقع إعادة حالته على نهج نفس السياسات القديمة، وإلغاء النظام الاشتراكي وتحرير الاقتصاد».<br />ولا نعلم أي اتجاه لدولتهم ما بعد نجاح المعارضة والثورة سيتخذ، إلا أننا نتمنى من الله العلي القدير أن ينبذوا التطرف وأن لا يكون له بينهم مكانة، كما أود أيضا النصيحة لهم بتجمعهم وعدم تفرقهم فيطمع فيهم الغريب وليبدؤوا بإعادة بناء وطنهم بحكمة وبعدالة.<br />@SaudAlgosaibi<br />