<br />كيف وصلنا الى سياحة مزدحمة «Overtourism» بهذه الكيفية؟ بعد أن صنف العام المنصرم «2024»، على أنه أكثر السنوات الذي سجل فيها هذا النوع من السياحة «المزدحمة/ المفرطة» بسبب تواجد الحشود البشرية في الوجهات السياحية الأكثر شعبية بالعالم في الموسم الواحد، يتوقع أن يشهد هذا العام الذي بدأ مع الإجازات الرسمية وبسبب عدم وجود ما يمنعها، أن يشهد ازدحام مشابه لهذا النوع من السياحة، بحسب منظمة السياحة العالمية.<br />السياحة المفرطة أو المزدحمة، مصطلح يشير إلى الزحام الكبير في المناطق السياحية مما يزيد الضغط عليها لدرجة تقل معها الجودة وتنحصر الخدمات والمزايا الأخرى فيقع عبء كبير على مقدمي الخدمات والسواح على السواء وعلى المنطقة وبنيتها الاساسية والخدمية، فتقل كفاءة المكان والمرفق السياحي بدرجة كبيرة في النظافة والصيانة والقدرة الاستيعابية بالمجمل.<br />يعتبر صُنّاع السياحة هذا النوع من السياحة أكبر تحد مستقبلي لها، وذلك باعتباره فاقد لصيغة الاستدامة والتي هي أهم أركان القطاعات الاقتصادية المعاصرة، إذ تشكل الغطاء والحماية في عصر السرعة والمواكبة، فتتكفل الاستدامة بجعل القطاع قابل ومستجيب لأي نوع من التغيرات المفاجئة التي يتسم بها العصر الرقمي، ولكن يبدو أن صناعة السياحة باتت تواجه تحد آخر لم تكن تلتفت له في السابق إلى حين ظهر على السطح منذ سنوات قليلة فقط.<br />ففي العقود السابقة كانت السياحة محدودة ومقتصرة على الطبقة المقتدرة أو على زوار الأماكن الدينية، ولكن مع تسهيل خدمات السفر ورخصها ووجود العروض وسهولة الحجز والتواصل وتغير ذوق المستهلك وتوجهاته ورغباته باتت السياحة أمر مستطاع، ومتاح لكل فرد.<br />لذا، يعتبر موسم الحج، من ضمن السياحة المزدحمة، حتى قامت المملكة العربية السعودية بمعالجته في السنوات الأخيرة بتفوق يحسب لها، فهذا النوع من التحدي كان إنجاز وتجربة جديرة بالثناء حقاً، فكانت من أوائل الدول السياحية الموسمية التي بادرت في معالجة السياحة المزدحمة وبناء بنية تحتية بمحيط المكان وتسهيل الإجراءات بربطها بالبرامج الرقمية، ووضع اشتراطات وقيود ملزمة وذلك لضمان خدمات ومرافق أكثر جودة وكفاءة وهذا ما كان، فقد شعر الحجاج هذا العام بانسيابية وسهولة في أداء مناسكهم، وكذلك لم تغفل المملكة في تحسين المرور من المعابر الحدودية وتوفير خدمات مرنة يمكن مفاضلتها مع باقي الدول المجاورة، بالتعامل بسلاسة مع حركة الدخول والخروج والتفتيش واستخدام البرامج الرقمية التي توفر الوقت والجهد وتقلل الازدحام، بينما لا تزال الكثير من المعابر الخليجية والعربية تعاني من بيروقراطية تحد من السياحة البينية وتزعج المسافرين وتحول دون انسيابية الحركة.<br />وبالعودة لازدحام السياحة، قامت الكثير من الدول السياحية بالعالم، وبسبب السياحة المفرطة التي تواجهها، كإيطاليا وإسبانيا وغيرهم بوضع اشتراطات للسفر اليها وتقليل عدد الزوار وفرض ضرائب أو زيادتها وحظر أماكن السكن القريبة من المعالم السياحية، ولكنها غير مجدية وحدها، فمجتمعاتهم باتوا يضيقون ذرعا بالسياح، الأمر يتطلب معاجلة البنية التحتية والخدمية وإيجاد أماكن متنوعة وتنسيق حيوي بين المضيف وشركات الطيران والسياحة والضيافة والسفر، القطاع يحتاج الى سياحة مستدامة.<br />@hana_maki00<br />