<br />لطالما كانت المعرفة والعمل جناحين يرفعان الإنسان نحو التطور والإنجاز، لكن الواقع، يكشف فجوة واسعة بين من يصف الأمور، ومن يدركها حقًّا، ومن يطبقها على أرض الواقع.<br /><br />وهذا ما عبّر عنه عبد الله بن المقفع حين قال: «الواصفون أكثر من العارفين، والعارفون أكثر من الفاعلين»، وهذه الحكمة، تُظهر أن الناس، يتفاوتون في مستويات الفهم والعمل، وأن الوصف والحديث عن الأشياء، أسهل كثيرا من الفعل، وأن الحديث المجرد عن الأمور، لا يعني بالضرورة فهمها، وأن الفهم بحد ذاته لا يعني بالضرورة العمل والتطبيق.<br /><br />ستجد فيمن حولك، فئام من الناس يستطيعون وصف مشكلات مجتمعاتهم بدقة؟ فهناك كثيرون، يتحدثون عن مشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية كثيرة، كالفقر، والبطالة، وأزمات التعليم، بل يملؤون المجالس ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بالتحليل والتفصيل، فهل يعني ذلك، أنهم يدركون جوهر المشكلة؟ ليس ذلك على الإطلاق، فالمعرفة تتطلب البحث والتجربة، وهي أعمق من مجرد الوصف السطحي المجرد.<br /><br />ومن ذلك أيضاً، أنك تجد في مجتمعاتنا الكثير ممن ينصب نفسه ناقداً رياضياً، قادر على تحليل أداء الفرق واللاعبين، ولكن لو كلف تدريب فريق ما، ستجد أنه سيعجز عن اتخاذ القرار المناسب في اللحظة الحاسمة، وهنا يظهر الفرق بين مجرد الوصف والتحليل، وبين والعمل الحقيقي الذي يأتي من الخبرة العملية.<br /><br />لكن حتى بين من يدركون المشكلات حقًّا، لا يجرؤ الجميع على التصرف. فالإدراك يظل عديم الجدوى إن لم يتحول إلى أفعال ملموسة. خذ على سبيل المثال أزمة البيئة، هناك علماء وخبراء يفهمون تمامًا خطورة التغير المناخي، لكن ستجد أن قلة منهم من يسعى للمساهمة في اتخاذ خطوات عملية ملموسة لتوعية الناس أو ابتكار حلول عملية لذلك.<br /><br />الفرق الجوهري بين الأمم المتقدمة وغيرها هو نسبة الفاعلين مقارنة بالواصفين والعارفين. المجتمعات التي ينهض فيها الناس للعمل بدلًا من الاكتفاء بالتحليل والنقد، وأن التغيير الحقيقي يأتي من الفاعلين الذين يترجمون أفكارهم إلى واقع ملموس هي التي تصنع الفارق.<br />وكما قال الشاعر:<br />وما نيل المطالب بالتمني<br />ولكن تؤخذ الدنيا غلابا<br />@azmani21