<br />شجرة يانعة الخضرة اجتمع فيها الزهر وثمره فكان البصر يتأمل الجمال، تجاور الألوان رهيب ؛ أبيض فتان، و اخضر تدرجت ألوانه و برتقالي زاهي الإشراق تدلى بين الأوراق، تحدثت لي صاحبت تلك الألوان و تدرجاتها قائلة: لولا الألوان لبهت النظر، قلت: صحيح، قالت: ولولا تعددها لما جذبت النظر، قلت: صحيح، قالت: ولولا حملي تدرجات مراحل الثمر في آن واحد لما أذهلت تبصرك النضر، قلت مبتسمة: صحيح، قالت: وإن تذوقتي ثمري ستجدينه لذيذ المذاق ولكني على يقين أنك ستتركينه، قلت: صحيح، قالت: ما الذي يمنعك؟ قلت: بعض الجمال من حقه أن يُترك ليستلذ النظر، ولكل ثمرة نصيب لأن تكون رزقا لأحد وأظن أن ثمارك ليس من نصيبي؛ قالت: إذا خذي ورقة من أوراقي وادعكيها واستمتعي بأريج سيرافقك إلى السحر؛ قطفت الورقة بدقة ورقة ثم شكرتها ممتنة وسرت مبتعدة عنها وفي يدي جزء منها، تابعتني إلى أن غبت عن النظر، أنا حملت شيئا منها وهي قد تذكرني بين كل من يتجاوزها من البشر؛ قصتي وقصة شجرة البرتقال كانت كاشعار يذكرني بتفاعلاتنا مع البشر، فأحينا يجذبنا المنظر نغادر وبعد حين ننسى بمن مررنا وأحيانا يجذبنا الجوهر فيستقر في أعماقنا ونتذكر أناقة ذاك الجوهر.<br />كنت أتابع صوت نبض قلبي على جهاز قياس الضغط وقلت ذاك الصوت إشعارا ينبهنا بأن الحياة تتتابع بتتابع النبض في الوريد، تمضي لا يوقفها كيف كان صباحك أو مسائك، كيف كان حالك، فأمضي معها «بطلا» لا «مُرغما» وتخير لحالك خير حال ولا تلهث خلف شيئا سوى رضى الله ثم ستلهث خلفك بأمره كل الأشياء.<br />مررت ببائع الزهور كان محله صغيرا جدا عبارة عن شبر في أشبار، حوى من كل بلد نوعا من الزهور فاجتمعت عنده البلدان، تداخلت الروائح بانسجام، تناسقت الألوان بوئام، قلت: يا له من شعار لو اتخذ العالم إشعاراته لتوافق بسلام كما توافقت زهوره في محل الأزهار.<br />@ALAmoudiSheika