<br />يقال إن طفولتك تنتهي عندما تدرك أن النوم مكافأة، وليس عقابًا. ولعلي لم أفهم هذه الحكمة إلا بعدما كبرت، فمن كان يظن أن ما كنا نرفضه صغارًا ونتحايل للهرب منه، سيصبح يومًا ما بهجتنا العظيمة؟<br />ورغم أنني من عشاق النوم، أقضي نصف نهار إجازتي في الاستمتاع به، إلا أن يوم السبت هو اليوم الذي يتآمر عليّ فيه النوم. فحين يأتي هذا اليوم، أستيقظ مبكرًا على غير العادة لأنه يوم والدتي العظيمة ذات القلب الرؤوم، حيث أشاركها وجبة الفطور، التي تمنحني مشاعر من الحب والدفء والسعادة، تظل ترافقني لمدة أسبوع أو لحين رؤيتها مرة أخرى.<br />عودة للنوم والاستيقاظ المبكر، هل تعلم عزيزي القارئ أن الروتين الأسبوعي أثبت فوائده بشكل علمي؟ في دراسة أجراها باحثون من جامعة بيتسبرغ، توصلوا إلى أن الاستيقاظ المبكر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنشاط طوال اليوم وإنتاجية أعلى. والأكثر إثارة أن الالتزام بروتين ثابت يوميًا يوفر للإنسان راحة ذهنية ويحمي كبار السن من التأثيرات السلبية للاضطراب اليومي. أستاذ الطب النفسي المساعد ورئيس الدراسة الدكتور ستيفن سماجولا، أوضح أن التغيير المقصود في الروتين اليومي للأفراد يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على صحتهم بشكل عام، مما يجعل من الروتين اليومي ليس مجرد عادة، بل سرًّا من أسرار الصحة النفسية والجسدية.<br />شخصيًا، كان الروتين اليومي يصيبني بالضجر، ولا يزال أحيانًا، لكنني مؤخرًا أدركت أن الأيام العادية لها طابع مبهج إذا نظرنا إليها من زاوية أخرى. أستيقظ بهدوء، أحتسي قهوتي، أرى وجوه أحبتي، وأمضي يومي بسلام بلا خطط ولا نجاحات ولا إنجازات. يومي عادي، لكنه مبهج، لأنه مليء بالتفاصيل الصغيرة التي تجعل الحياة أكثر إشراقًا.<br />تكمن بهجة الأيام العادية في التفاصيل الصغيرة التي نغفل عنها في زحام الحياة. فعندما نتوقف لحظة للتأمل، نجد أن السعادة ليست دائمًا في الأحداث الكبيرة أو اللحظات الاستثنائية، بل في الرتابة اليومية التي تحمل في طياتها جمالًا لا يُرى إلا إذا نظرنا بعين ممتنة. قد يكون فنجان قهوة في صباح هادئ، أو كلمة طيبة من شخص عزيز، أو حتى ابتسامة عابرة في الشارع. كل هذه اللحظات الصغيرة تملأ القلب بالبهجة وتمنح الحياة طعمًا خاصًا. إن القدرة على إيجاد السعادة في الروتين اليومي هي ما يجعل الحياة أكثر إشراقًا، ويعلمنا أن البهجة ليست شيئًا نبحث عنه في المستقبل، بل هي شيء نصنعه في الحاضر.<br />@raedaahmed