<br />نسمع من وقت إلى آخر أن دولا تقوم بحظر بعضا من وسائل التواصل الاجتماعي لأسباب متفاوتة، وسنلاحظ أيضا ظهور هاشتاقات ونداءات لمقاطعتها لتحيزها بحذف بعضا من الفيديوهات والرسائل التي لا توفق هواها وتوجهاتها! ولكن دعونا نتفق أولا أن برامج التواصل الاجتماعي كثيرة ومتعددة، وكلها متقاربة في الفكرة، سواء في البث مباشر للفيديوهات أو الصور أو الرسائل الكتابية، والمطلع على هذه الوسائل يجد أن الغث أكثر من السمين!<br />والواقع أن استخدام المرء لوسيلة واحدة فقط سوف يكفيه لمعرفة أخبار العالم وأحداثه، بحيث لا يبقي منعزلا عنه. ومن المعلوم أن الخبر نفسه ينتقل من منصة إلى آخر، وأي معلومة مهمة وضرورية لن تفوتك! وستجدها حتما على الإنترنت.<br />المسألة الأخرى أن حذف أو حظر برنامج أو تطبيق معين لا يعني أن المحتوى قد انتهى! بل لا بد أن يكون هناك قوانين وسياسات عامة لكل دولة بما يحمي أمنها وقيمها ومعتقداتها، وحين يخالف ذلك أي تطبيق يتم حظره مهما كان انتشاره وكثرة مردييه ومتابعيه، لأن العبرة في حماية المجتمع وخصوصا الأطفال من أي ضرر يقع عليهم.<br />أضف إلى ما سبق، أن هذه البرامج والتطبيقات من وسائل التواصل الاجتماعي»ديناميكية» بمعنى كل فترة سوف يظهر تطبيق جديد، ويبدأ العالم في ملاحقته بنهم وبجنون، لأن الإنسان جُبل على البحث عن كل جديد، ليس لأن الجديد أنفع و أصلح، ولكنه حب التغيير، وسرعة الملل من الأشياء والمتع، كالعطشان الذي يشرب من البحر ولا يرتوي!!<br />وملاحظة أخرى مهمة، وهي أن كثرة استخدام برامج التواصل الاجتماعي في وقت واحد هو مضيعة للوقت، ويقلل للإنتاجية، ومدعاة للعزلة عن الواقع، ويؤثر سلبا على المهارات الاجتماعية اليومية، ومعكرة للمزاج، وكذلك يؤثر في تدني مهارات القراءة والكتابة، وفي معدلات الحركة والنشاط البدني. والأسوأ من ذلك، قد يكون مصدرا للشائعات والأخبار غير الصحيحة، وانتشارا للمحتويات الهابطة والتافه، وانحدارا في مستوى الذوق العام. وقد وجدت من خلال تجربة شخصية أن استخدام برنامج واحد فقط من هذه الوسائل كفيل بمعرفة المستجدات على الساحة العامة، وحتى لا يعيش الإنسان بعيدا المجتمع وأحداثه وأخباره.<br />وهذه الوسائل شانها كأي تقنية ووسيلة حديثة يمكن أن تكون مفيدة للتعليم والتواصل السريع مع الآخرين. وفي المقابل لها مساوئ عدة من الناحية الاخلاقية والاجتماعية، بل حتى من الناحية العلمية حيث أن الكثير صار يتحدث ويعطي نصائح وإرشادات طبية ومالية ونفسية وأسرية من غير علم ولا تخصص، ولا يملك حتى الخبرة الكافي. ونعود لنؤكد مرارا وتكرارا أن من تحدث في غير فنه جاء بالعجائب، وربما كان ضرره أكثر من نفعه. وأعتقد أن هناك حاجة ملحة لدراسة فكرة حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون «15» سنة. فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية عن تأثير هذه الوسائل بقولها «مترجم بتصرف»: «يثير الارتفاع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الإشكالية بين المراهقين مخاوف كبيرة بشأن التأثيرات المحتملة على الشباب. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يكون له عواقب بعيدة المدى على نمو المراهقين والنتائج الصحية طويلة المدى. علاوة على ذلك، ارتبط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الإشكالية بقلة النوم أو تأخر موعد النوم قد يؤثر على الصحة العامة للمراهقين والأداء الأكاديمي».<br />ولا بد من القول، أن التقليل من استخدم هذه الوسائل بقدر المستطاع هو الحل الأمثل، وإن كان لا بد! فعلينا بالقاعدتين الذهبيتين وهما: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» و«كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع».<br />@abdullaghannam<br /><br />