<br />حصل الممثل الأمريكي دينزل واشنطن وآخرون، على وسام الحرية الرئاسي، من قبل الرئيس الأمريكي السابق جو بادين، قبل مغادرته للبيت الأبيض بنحو أسبوع، وهذا الوسام يعتبر أعلى وسام مدني بالولايات المتحدة الأمريكية.<br />وذكر بايدن أن هؤلاء المكرمين ومن بينهم دينزل واشنطن «يجسدون قيم النزاهة والقيادة والخدمة للأمة والعالم».<br />والحقيقة أن الممثل دينزل واشنطن ممثل موهوب، ونجم لامع، من فئة النجوم «السوبر ستارز» في هوليوود، أمثال توم هانكس، وآل باتشينو، وروبرت دي نيرو وغيرهم.<br />وكان فيما قيل عن دينزل في حفل التكريم المقام بالبيت الأبيض أثناء تقليده وسام الحرية، أنه هو «نفسه الشخصية المميزة للقصة الأمريكية»، والحق يقال أن دينزل يستحق هذا الوسام بجدارة نظير تجسيده لكثير من الشخصيات المختلفة، وأداءه المتميز والرائع.<br />وعلى ذكر هذا الحدث، تذكرت صديق عزيز عليَّ، كنت قد تعرفت عليه بالرياض، شاب رائع ومهذب، شأنه شأن معظم الشباب السعودي الذي التقيته هنا، ولا أعلم ما الذي دفع بصديقي هذا إلى ذهني، لكنني تذكرته بغتة، فأنا على يقين أن صديقي ليس شديد الشبه بدينزل من ناحية الشكل واللون، إلا أن هناك شبه ما، وإلا لما أشعل ذهني صورته وأضاءها بذاكرتي، المهم كان صديقي هذا، في منتصف العقد الرابع من العمر، وسيم وذكي ومتعلم، فقد تلقي قسطا وافرا من التعليم في أوروبا، ونال درجة الماجستير في أحد التخصصات العلمية من إحدى الجامعات العريقة بالولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه شخص خلوق ومرتب وبشوش الوجه ومتحدث لبق، رغم أنه قليل الكلام، إلا أنه في مواقف محددة ينطلق لسانه، كما أنه نقي السريرة وتلقائي، وفوق ذلك ميسور الحال، وذو مروءة ونخوة وكرم، «وراعي فزعات»، ويتمني أي شخص مصادقته، فكأنما الدنيا حينما أقبلت عليه وهبته كل ما سألها، وربما أعطته من المحاسن أكثر مما تمنى.<br />وعلى ذكر كرم صديقي النبيل هذا، الذي يشبه عطره أريج رائحة المطر، خطرت علي بالي قصيدة للشاعر زهير بن أبي سُلمى التي يقول فيها:<br />تَراهُ إِذا ما جئتهُ مُتَهَلِّلاً<br />كَأَنَّكَ مُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه<br />كَريمٌ إِذا جِئت لِلعُرفِ طالِباً<br />حَباكَ بِما تَحنو عَلَيهِ أَنامِلُه<br />وَلَو لَم يَكُن في كَفِّهِ غَيرُ نَفسِهُ<br />لَجادَ بِها فَليَتَّقِ اللَّهَ سائِلُه<br />وعلاوة على ذلك، فقد كان صديقي فخورا بانتمائه لوطنه الكريم، وحق له ذلك ولا عجب، كما كان شديد الاعتزاز بذكرى والده، لا يكاد يخلو أي حديث أو حوار معه - تقريبا دون ذكر لوالده، وعلمت منه لاحقا أن والده كان معلما من الرعيل الأول، وتربويا من الطراز الرفيع، حيث كان المعلمون المتعلمين جيدا يعدون على أصابع اليد في ذلك الوقت، مما ترك أثرا طيبا علي شخصية أبنه وغيره من أبناء ذلك الجيل.<br />وقد تجلت محبة وتقدير الناس لوالده في محنة مرضه، فقد كان كثير من قيادات اليوم طلابا لوالده، ولم ينسوا فضل والده، وكانوا يزورونه باستمرار، ويتفقدونه في مشفاه إلى أن وافته المنية، فقلت له مواسياً، إن الرجل مهما كبرت منزلته وعلا مقامه، فانه لا يكبر على ثلاث، سلطانه ومعلمه ووالده.<br />كان صديقي الرائع، مولعا برؤية ٢٠٣٠ ومتحمسا لها بشدة، يقول أنها جلبت الكثير من الفرص الواعدة للمملكة، وفجرت الطاقات الكامنة في الشباب، وفتحت أبواب العمل والاستثمار على مصراعيها، وستتحسن بفضلها أحوال الناس، في شتى المناحي، الصحة والتعليم والعمل، مما يزيد من جودة الحياة.<br />ويحدثني صديقي حديثا عذبا ذو شجون عن تلك الآفاق البعيدة، والمستقبل الزاهر في المملكة، التي ستجلبها هذه الرؤية الثاقبة، وكيف يبدو، خاصة عندما يحدثني عن المملكة قبل ثمانين عاما بل مائة عام، وكيف كانت، فيقوى عندئذ إحساسي بالأمان، وأشعر بالطمأنينة.<br />لعمري حق له أن يفخر بهذه الرؤية الحصيفة ومن سواها، فهذا طموح واعد يبشر بالخير، لكن تلك قصة أخرى.<br />ولعلكم الآن يا سادتي تعرفون هذا الصديق الشامخ الذي أحدثكم عنه، فربما سبق لكم الالتقاء به يوما، أو صادفتموه في حياتكم، فقد يكون قائدا أو مواطنا عاديا، أو شخصا معروفا، هذا أو ذاك، أو يحتمل أن تكون أنت نفسك الشخصية المميزة، التي تجسد المثل والقيم والقيادة وجوهر القصة السعودية، بكل آمالها وطموحاتها، تلك التي تسابق الحلم الواعد قريب المنال.<br />كان صديقي فخورا بانتمائه لوطنه الكريم، وحق له ذلك ولا عجب، كما كان شديد الاعتزاز بذكرى والده