<br />قابلني صديق عمر وهو أحد زملاء الدراسة ورفيق درب طفولة، معاتبا بغضب! أين أنت؟ أين اختفيت؟ لم أسمع منك منذ زمن؟ لماذا لم تتواصل؟ سيل جارف بكل مفردات العتب والشره.. وجدت نفسي في حيرة من أمري، وفي موقف لا أحسد عليه، وليست لدي إجابة! وكان صمتي المطبق فاضح، فأنا وهو قضينا سنين العمر معا، وافترقنا في دروب الحياة. ما عاتبني عليه صديقي هو عتاب محب، المثمن المقدر لأيام حبلى بذكراها السعيد، وطعم الحياة الجميل فيها.<br />المقولة الدارجة في المصطلح الشعبي «بعيد عن العين.. بعيد عن القلب» هذه تعني أن غياب الشخص عن الأنظار قد يؤدي إلى نسيانه أو ضعف الارتباط به. هذا المفهوم يعكس الطبيعة البشرية، حيث يعتمد مدى قرب العلاقة الاجتماعية بين الأفراد إلى حد كبير على التفاعل المستمر والتواصل المتكرر.<br />رجعت أسأل نفسي! لماذا يحدث هذا الجفاء؟ فوجدت! أنها فعلا طبيعة بشرية، الإنسان كائن اجتماعي، وعلاقاته تعتمد على القرب والتفاعل. عندما يقل، أو ينقطع، تميل العواطف إلى التراجع. الذاكرة غالبًا ما تتأثر بتكرار الاتصال، سواء كان وجهاً لوجه أو عبر وسائل أخرى. هنا يحدث التأقلم النفسي، ومن أجل حماية النفس من الألم الناتج عن البُعد، يميل الإنسان تدريجيًا إلى تقليل الأهمية العاطفية للأشخاص الغائبين. وغالبًا ما يُشغل الأفراد بحياتهم اليومية والتحديات الحالية، مما يؤدي إلى تقليل التفكير في الأشخاص الذين لا يوجَدون في محيطهم المباشر. وكذلك مع مرور الوقت، قد تتغير أولويات الإنسان، وتظهر علاقات جديدة تحل محل القديمة، خاصة إذا لم يكن هناك جهد من الطرفين للحفاظ على هذه العلاقة. علاوة على ذلك يتضح هنا تأثيره في الفرد في حال بعده عن أحبائه أو أصدقائه لفترة طويلة دون تواصل، تلك تشعره بالعزلة، والتي تضعف الرابط العاطفي بينه وبين الآخرين، نتيجة لذلك يمكن أن يؤدي ذلك إلى سوء فهم أو برود في المشاعر. من جهة أخرى، هناك بعض الأفراد قد يتكيفون نفسيا مع البُعد، ويعيدون تركيزهم على علاقات أو أهداف أخرى، مما قد يساهم في تقليل التأثير العاطفي للبُعد.<br />خلاصة القول، حاولت أن أحلل وأبرر لصديقي، والذي كان بعيداً عن عيني، مع وعدي له في الحفاظ على هذه العلاقة ليقرب من قلبي، رغم المسافة، والذي يتطلب منا الاثنين الالتزام والصبر والمرونة، والتواصل المنتظم عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والتخطيط للقاءات مستقبلية.<br />@Ahmedkuwaiti<br />