<br />- إليكم تكملة رسالتي لوالدي. افتقدنا الرسائل وجماليات التعبير عن المشاعر، وبذلك فقدنا استدامتها كنصوص في مراحل حياتنا المختلفة. ما تحمله رسائلنا الماضية هو تراث اجتماعي حقيقي يحمل الكثير من الرسائل الإنسانية الخالدة.<br />- فقدنا توثيق مشاعرنا في ألواح ورق كرموز، لجعلها وثائق ومستندات، شاهدة على تفاعلات سادت في حينها، فأصبحت وكأنها مجسات في جسم الماضي تعطي معلومات للحاضر والمستقبل. إليكم بقية الرسالة:<br />&rlm;- مازلت أذكر أنك كنت تسعى دائما لخلق رجلا فريدا متعلما ومثقفا وخطيبا بارعا.. وآمل أن أكون حققت بعض ما تريد &rlm;وترغب.<br />&rlm;- ما زلت أذكر أنك كنت تجمع مجلة عربية وتقول انك تجمعها لكي أقرأها مستقبلا.<br />- ما زلت أذكر أنك كنت حريص جدا على مستقبلي.<br />&rlm;- ما زلت أذكر كيف انك أب عصري، أعطيت الثقة لجميع أبناءك، وكنت ومازلت رجلا تؤمن بالشورى وإعطاءنا حق الكلام والتعبير وطرح الرأي.<br />&rlm;- ما زلت أذكرك رجلا مخلصا لأسرته، وكنت دائما تقضي كل أوقات فراغك بجانبنا. لم تكن السهرات الخارجية مذهبا لك. وما زلت أذكر أنك كنت متشددا ومتصلبا في هذا الشأن، حيث كنت تمنعني من السهر خارج البيت، وكنت تقول: لو تعودت على هذا فستستمر معك هذه العادة حتى بعد زواجك. وبالتالي ستتأثر حياتي الأسرية. نعم مازلت أذكر هذا، وكانت نعم النصيحة.<br />- ما زلت أذكرك رجلا وطنيا ومخلصا ومثاليا. وكنت تقول لي من السنة الأولى ابتدائي يجب أن أتعلم لكي أحل محل أحد الأمريكان في شركة أرامكو.<br />&rlm;- ما زلت أذكرك رجلا عاصر الكثير من المواقف الصعبة وقد تجاوزتها بكل فخر.<br />&rlm;- ما زلت أذكرك خلقت بيننا كأبناء لك روابط صداقه وثقة، انعكست على تعاملنا، وولدت محبة وروابط قوية وفريدة.<br />&rlm;- ما زلت أذكر أنك كنت تفوز دائما بمسابقة الحكم التي كانت تنظمها أرامكو. كنت تكتب لهم الكثير من الأقوال والحكم عن السلامة وعن العمل وعن الحياة، وكانت من بنات أفكارك. وفي كل مرة تفوز. &rlm;وهذا يعني إنك تملك مخزون هائل من الأحاسيس المرهفة والنابضة بالحياة.<br />&rlm;- ما زلت أذكر أنك تحمل قلبا حنوننا وعاطفة رحيمة مشفقة.<br />- إنك أبي الذي غادر قريته وهو لا يحمل أي شيء. ولكن كان كل سلاحك الطموحات والتطلعات لحياة أفضل بعد أن كنت راعيا للغنم.<br />- لم تكن الحياة أمامك سهلة. ولكنك كنت رجلا صلبا ذو عزيمة قوية، وطموح فتاك، وتفكير ناجح، واستطعت أن تبني حياتك وتبني مستقبل لك، وفوق هذا تربي أبناءك بالعلم والثقة والمبادئ والأخلاق.<br />&rlm;- إنك أبي قدوتي ومصدر الهامي. ستظل عملاقا ومثقفا بارزا يحمل الكثير من القيم والأفكار الجيدة، فيا &rlm;ليتني استطيع أن أقدم لأبنائي جزء مما قدمته أنت لي.<br />&rlm;- إنك أسطورة فريدة وعملاقة.<br />&rlm;- إنك أبي الذي أحب.<br />&rlm;ابنك محمد حامد..»&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;&rlm;17&rlm;/12&rlm;/1989»<br />- وبعد.. هذه كانت تكملة الرسالة. رأيتها بعد ثلاثة عقود كنزا أعاد ضخ الدماء الشابة في عروقي. عرضتها عليكم تكريما لوالدي حامد. بقي أن تعرفوا أنه ولد يتيما، وعاش محاربا للفقر والجهل والمرض. علاقة الأبناء بالآباء علاقة إلهام، وتحفيز، وتعزيز. إذا خرجت عن جادة الدرب الصحيح فإن نتائجها مؤثرة بشكل سلبي. علاقتي بوالدي كانت علاقة صداقة، وأفتخر.<br />@DrAlghamdiMH<br />