<br />جاءنا ضيف جميل يحب علينا كل عام فنسعد ونبتهج بقدومه، رمضان ليس مجرد شهر للصيام، بل هو مدرسة متكاملة تهذّب النفس، وتقوّم السلوك، وتربي الإنسان على القيم الروحية والجسدية والاجتماعية. فهو ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو نظام تربوي شامل يشمل الجوانب الإيمانية والصحية والنفسية والاجتماعية، مما يجعله فرصة عظيمة لتغيير العادات وتقوية الإرادة وتحقيق التوازن في حياة الإنسان.<br />ويتميز هذا الشهر الكريم، بجو إيماني خاص، حيث تكثر فيه الأعمال الصالحة، وتجد أن العبد يتقرب فيه إلى ربه، بمزيد من الصلاة والصدقة والذكر وقراءة القرآن، تحقيقًا لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» -البقرة: 183-. فالصيام يربي المسلم على التقوى، وهي الغاية الكبرى التي يسعى إليها المؤمن في حياته، كما جاء في الحديث النبوي: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه» -متفق عليه- .<br />وعلى صعيد الصحة العامة، فالصيام له فوائد صحية مثبتة علمياً،ففي دراسة نشرتها مجلة نيو إنجلاند جورنال أوف مديسن، أشار الباحثون إلى أن الصيام، يعزز عملية التمثيل الغذائي، ويحسن صحة القلب والأوعية الدموية، كما يساعد على تنقية الجسم من السموم، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتدال في الطعام والشراب خلال شهر رمضان، يعلم الإنسان ضبط النفس، وهو ما ينعكس إيجاباً على صحته العامة، والنبي -عليه الصلاة والسلام-، يحث أمته على الاعتدال في الطعام، حيث قال: «ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شرًّا من بطنِه حسْبُ ابنِ آدمَ أُكلاتٌ يُقمْنَ صلبَه».<br />كما أن الصيام، مدرسة في الصبر وكبح الشهوات، حيث يتعلم الإنسان ضبط النفس، والتحكم في رغباته، مما يعزز الصحة النفسية، وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة سايكوماترك ريسرش أن الصيام يساهم في تحسين المزاج وتقليل الاكتئاب.<br />وفي رمضان تتعزز روح الأخوة والتكافل الاجتماعي، حيث يشعر الغني بحال الفقير، وتنتشر قيم العطاء والرحمة، ويكثر الإنفاق في سبيل الله، كما يجتمع الناس على موائد الإفطار، ويتزاورون، مما يقوي الروابط العائلية والاجتماعية.<br />رمضان ليس شهرًا عابرًا، بل مدرسة يتخرج منها الإنسان بإيمان أقوى، وجسد أصح، ونفس أكثر توازنًا، وعلاقات اجتماعية أعمق. فمن أحسن استغلاله، نال خيرًا كثيرًا في دنياه وآخرته.<br />قال الشاعر :<br />فديتك زائراً في كل عام.. تحيا بالسلامة والسلامِ<br />وتُقْبِلُ كالغمام يفيض حيناً.. ويبقى بعده أثرُ الغمام<br />@azmani21