<br />في قلب الرياض، حيث تنبض العواصم بالحضارة والتجدد، انعقد المنتدى السعودي للإعلام 2025، ليس كفعالية تقليدية تُضاف إلى الأجندة المتنوعة والمختلفة في عاصمة السعودية العظمى، بل كحدث استثنائي يعيد تشكيل المفاهيم، ويطرح الأسئلة الكبرى التي ستحدد ملامح الإعلام في العقود القادمة.<br />في نسخته الرابعة، بدا المنتدى كأنه مؤسسة قائمة بذاتها، تمتلك من الهيبة والقدرة على التأثير ما يجعلها أحد أبرز الأحداث الإعلامية عالمياً، توافد أكثر من 2000 إعلامي، ومفكر، ومسؤول من مختلف أنحاء العالم، حاملين معهم خلاصة تجاربهم، وهاجسهم المشترك:<br />كيف يمكن للإعلام أن يتجاوز كونه مجرد ناقل للأحداث، ليصبح قوةً فاعلةً في رسم المسارات، وتوجيه المجتمعات نحو آفاق أكثر وعياً؟<br />وسط مشهدٍ رقمي يزداد تعقيداً، حيث تُدار العقول بالبيانات، وتُصنع الحقيقة وفق خوارزميات خفية، جاء المنتدى ليضع هذه التحولات تحت مجهر النقاش العميق، وليبحث عن إجاباتٍ تتجاوز السطحية المعتادة. افتتح المنتدى وزير الإعلام، سلمان الدوسري، بكلمة حملت في طياتها رسائل واضحة، مفادها أن الإعلام السعودي ليس متفرجاً في هذه المرحلة، بل هو لاعب رئيسي في إعادة تعريف الدور الإعلامي، وهو يتحرك بأدوات المستقبل، في حراكٍ لا يعرف التوقف.<br />ليس من المستغرب أن يكون المنتدى متزامناً مع يوم التأسيس السعودي، وكأن المملكة أرادت أن تؤكد أن تاريخها ليس مجرد سردٍ للماضي، بل امتدادٌ فكري يستمر في صياغة الحاضر والمستقبل. المنتدى لم يكن ساحة نظريات، بل مساحة تنفيذية لصنع الفرق. بين 80 جلسة حوارية، ومعرض «فومكس» الأكبر في الشرق الأوسط، وورش العمل المتخصصة، لم يكن هناك مجالٌ للخطابات الإنشائية، بل للقرارات، والمبادرات، والتحركات المدروسة.<br />الحوار الذي دار بين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان آل سعود والإعلاميين كان لحظة فاصلة، حيث لم يكن الوزير متحدثاً رسمياً بقدر ما كان قائداً فكرياً، يضع الإعلام أمام مسؤوليته الكبرى في عصر التحولات. وعندما اعتلى بوريس جونسون المنصة، كان حضوره دليلاً على أن المنتدى تجاوز الإطار المحلي، ليصبح حدثاً ذا صدى عالمي. لم يكن المنتدى معنياً بالماضي، بل بما هو قادم.<br />كيف يمكن للإعلام أن يبقى حياً في عالمٍ تزداد فيه سطوة الذكاء الاصطناعي؟ وأن يحافظ على دوره في ظل سيلٍ من المعلومات الزائفة؟وكيف يمكن للصحافة أن تستعيد هيبتها في عصر يفضل فيه الجمهور العناوين الصاخبة على الحقائق المدروسة؟ كل هذه الأسئلة لم تكن مجرد ترف فكري، بل كانت وقود النقاشات التي جعلت المنتدى محطةً لا غنى عنها لأي شخصٍ يؤمن بأن الإعلام ليس مهنةً فقط، بل أداةٌ لتشكيل العالم. على مدى أيام المنتدى، كان يمكن للمرء أن يشعر بأن الإعلام السعودي ليس مجرد متلقٍ لما يحدث عالمياً، بل بات مساهماً أساسياً في توجيه الدفة، لم يعد الإعلام السعودي يتطلع إلى مواكبة الآخرين، بل أصبح يسعى ليكون هو النموذج، ليكون هو المعيار. ما حدث في المنتدى السعودي للإعلام 2025 كان إعلاناً بأن المملكة باتت تمتلك واحدةً من أهم المنصات الإعلامية عالمياً، منصةٌ تتحدث بلغة الحاضر، ولكن عيونها شاخصة نحو المستقبل.<br />وختاما، لا بد من الإشادة بمهندس هذا الحدث الاخ والزميل ورئيس المنتدى السعودي للإعلام، محمد فهد الحارثي الذي أثبت أن التنظيم فن ورؤية وأهداف، ولا يمكن إغفال الدور الكبري لسفراء المنتدى الشباب الذين هم ملح الحدث وصورته الأكثر إشراقاً.<br />@malarab1<br /><br />