<br />منذ الصباح والبيت هادئ الجميع إما نائم أو مستلقٍ بانتظار ساعة الإفطار لكن هناك شخص واحد لا يعرف معنى الراحة، الأم أو الزوجة، التي تتحرك بين المطبخ وغرف التخزين والثلاجة كأنها في معركة يومية، الكل لديه طلب والكل لديه رغبة، أحدهم يريد سمبوسة بالجبن والثاني باللحم والثالث يصرّ على أن تكون مقرمشة تماما، بينما الأب يتمنى طبق الشوربة الفلاني والابن يريد مشروبا باردا خاصا والبنت تتذكر فجأة أنها تحب الحلى الفلاني وكل هذه الأوامر تُلقى على هذه الإنسانة دون أدنى إحساس أو تقدير.<br />وما إن يقترب موعد الإفطار حتى تبدأ مرحلة أخرى من المعاناة هي لا تجلس مثلهم ولا تنتظر اللحظة المباركة بهدوء بل تواصل عملها بين تسخين هذا وتحضير ذاك وسكب العصير وإعداد السفرة وهي بالكاد تلتقط أنفاسها بينما الآخرون ينتظرون فقط.<br />لكن المصيبة لا تنتهي عند هذا الحد، فلو نسيت شيئا أو لم تستطع تحضير طبق معين تبدأ أصابع اللوم توجه إليها ليش ما سويتي العصير الفلاني، ليش ما جهزتي الفطائر ليش ما طبختي أكلة رمضان اللي تعودنا عليها وكأنها مسؤولة عن تحقيق كل أحلامهم وأمنياتهم في هذا الشهر، بينما هي لا تملك إلا يدين وقلبا مرهقا.<br />ارحموها فإنها بشر، الأم ليست آلة ولا موظفة عندكم، إنها إنسانة لها طاقة ولها مشاعر وتعبها لا يُرى إلا حين تنهار صحتها حين تشتكي حين يخذلها جسدها بعد سنوات من العطاء غير المشروط لماذا يجب أن تصل الأمور لهذا الحد حتى تفهموا أنها تستحق الراحة؟<br />ولماذا لا يبادر أحد بمساعدتها ولو في الأشياء البسيطة؟ لماذا لا تكون هناك قناعة بأن الإفطار ليس اختبارا يوميا في تنوع الأطباق؟<br />لماذا لا يشعر أحدكم بالخجل حين يراها وحيدة في المطبخ تعمل وأنتم مستلقون بانتظار الأذان؟<br />رمضان ليس موسما للإرهاق وليس فرصة لجعلها تتحول إلى طباخة طوال اليوم رمضان شهر الرحمة، فأين الرحمة بها أين الكلمة الطيبة التي ترفع من معنوياتها أين العون الذي يجعلها تشعر أنها ليست وحدها!!<br />ختاما، لا تكرروا ليش ما سويتي، في كل بيت هناك أم أو زوجة تعاني بصمت ولا تتحدث لأنها تحبكم، ولأنها اعتادت أن تعطي دون انتظار المقابل، لكن لا تكونوا ممن يستغلون هذا الحب. لا تكونوا ممن يضغطون على قلب طيب حتى ينكسر لا تجعلوها في رمضان تشعر أنها مجرد شخص يجب عليه أن يلبي الطلبات فقط.<br />alsyfean@