<br />من العادات التي اعتادها رجال الأعمال والهيئات المتخصصة بشتى أنواعها وأشكالها أن يطلقوا تسمية العمل على بعض الوجبات فيسمون مثلاُ «غداء عمل أو عشاء عمل»، فيناقشون وهم يتناولون الوجبة المدعوون إليها قضايا قوية وكبيرة وأحيانا قد تكون مصيرية، وبمثل هكذا تعالج أمور عديدة وتناقض قضايا حساسة، لأن الزمن قد لا يعود بمثل ما كان عليه في تلك الدعوى، وهكذا تفعل أغلب الهيئات والمنظمات والجمعيات على مستوى العالم بأكمله.<br />وقبل أيام قامت هيئة المحامين مشكورة بدعوة بعض المحامين للسحور الرمضاني، ورغم أني لم أكن مدعواً فقد قمت بالذهاب للسلام والمباركة للزملاء بالشهر الفضيل في هذه الأمسية ولاعتقادي أنه ستتم مناقشة بعض القضايا التي تتعلق بالمهنة والهيئة وطرح المشاكل والحلول لبعض الأمور التي من شأنها تحسين أداء المحامين والارتقاء بالمهنة، إلا أنني فوجئت بالمدعوين يتناولون الوجبة ويمضي كل إلى حاله، مع أن المفترض أن يكون السحور لأجل غاية أهم من الأكل ذاته، مثل كأس المحامين الذي كان يقام في نادي الفروسية وتوقف بسبب عدم وجود رسومه من قبل الهيئة، ورداء المحامين، والعطلة القضائية، وحلف اليمين للمحامي الذي يحصل على رخصة المحاماة.<br />حقيقة رغم أني لم أكن مدعواً ، إلا أنني أتقدم بالشكر العظيم والجزيل للمنظمين الذي احتفوا بقدومي، ورأيت منهم حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وحسن التعامل الذي رأيته من جانبهم جعلني أعجز عن شكرهم والثناء عليهم، فحتى ساعة رحيلي من المكان قاموا بتوديعي إلى باب سيارتي، فلهم مني الشكر والتقدير على ما صنعوه معي، والمعروف لا ينسى أبداً.<br />إن المهنة التي نمتهنها كمحامين مهنة كبيرة ولها مسؤوليات عديدة وملقاة على عواتقنا حياة الكثير من الناس، ولا شك أن هناك عوائق وهناك مشاكل لا بد من مناقشتها ووضح الحلول لها، وتقريب وجهات النظر في بعض الأمور، لأن المحامين فئة مهمة من المجتمع فهم الوجه الآخر للقضاء وهم معينو السلطة التشريعية وعلى عاتقهم تقع مسؤوليات كبيرة، فاجتماعهم ضروري ورأيهم مهم فكيف تأتي الآراء وهم لا يجتمعون؟؟<br />إن الدول والجماعات والهيئات لا ترتقي بالعمل الفردي، بل يتم الرقي من خلال العمل الجماعي والعمل التنظيمي المؤسسي الذي يتم وفق اجتماعات دورية وسنوية، ويتم طرح جميع الأفكار وكافة المشاكل وعرض الصعوبات والمعوقات، ومن ثم تتم دراسة كل تلك الأمور ليخرج الناس بأفكار تعزز مسيرة المهنة والممتهنين لها، وهذا لا يتأتى من سحور أو غداء ثم يذهب كل إلى بيته أو مكتبه، لأن السحور أو الغداء أو العشاء ليس سوى رمزاً للاجتماع، وليس هو الغاية التي يسعى إليها الساعون أو يأتي من أجلها المدعوون، رغم أني فرحت كثيراً عندما رأيت التقدير من بعض الزملاء والزميلات وبعضهم ربما كانت أول مرة ألتقي بهم.<br />إننا نشجع الهيئة على مثل هذه المبادرات، ونشد على يديها، ولكنا ومن باب الزمالة والعمل وفق أسس علمية ومهنية صحيحة، لا بد أن نشيرهم ونأخذ بأيديهم إلى الطريق الأسلم والأنجح الذي يؤدي إلى الارتقاء بالمهنة، ويعزز من مستواها أمام العامة والخاصة، فالنقاش لا بد منه، والتعاون المثمر لا يأتي إلا بالنتائج الطيبة، ومثل الهيئة الموقرة لا يخفى عليها هذا، ولكن نقول ما لم يقع هذا العام يمكن أن نستدركه في الأعوام المقبلة، فالمملكة مقدمة على نهضة تاريخية وعلمية وعملية وتنموية اقتصادية واجتماعية وفي كل مجالات الحياة وتماشياً مع الرؤية الوطنية 2030، ولا بد أن يكون للمحامين بهيئتهم مشاركة فعالة وبناءة تجاه هذا الوطن المبارك، فالرقي في المهنة والارتقاء بها يساعد في جلب المزيد من الاستثمارات والمستثمرين، ويشكل لبنة قوية في لبنات بناء وطننا الحبيب.<br />مرة أخرى الشكر موصول إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة وأمينها العام، والقائمين عليها والمنظمين لتلك الأمسية الذين أحرجونا بأخلاقهم وحسن تعاملهم، وآمل أن يتطور الأداء في كل المجالات، كما أسأل الله تعالى أن يحفظ المملكة بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين ملك العدل والحزم وولي عهده الأمين صاحب الرؤية السديدة وحامي حمى العدالة وداعمها.<br /><br />عضو الهيئة السعودية للمحامين