<br />أخذت المدنية الحديثة من الناس الكثير من المشاعر الاجتماعية، فصار التعارف بينهم قليل وحل محله التباعد مما أدى الى انقطاع العلاقات الاجتماعية، وأصبح الجار في البناية الكبيرة والصغيرة أو في الحي لا يعرف جاره إلا في المناسبات.<br />لو ننظر إلى الإسلام وما وضعه من ترابط بين وحدات المجتمع وهي الأسر ومن ثم الجيران ويمتد إلى المجتمع بأن جعل مبدأ التعاون من شرائعه في بناء الحياة الفاضلة ومن هذا المنطلق تأتي علاقة الجوار، وهي من أهم العلاقات الاجتماعية التي أخذت نصيباً كبيراً من اهتمام الإسلام، فليس هناك أقرب من الجار صلة بجاره ومعرفة بدواخله وأسراره، وأقدر على أشقائه وإسعاده، وقضية اختيار الجار قبل الدار كما يقال فقط بالأمثال في وقتنا الحاضر أصبحت شبه معدومة إلا ما ندر من البعض فيكون كل همه وسؤاله كم غرفة بالدار وكيف تفصيل هذه الدار وإذا أراد أن يلقي عليها نظرة أتى بأهله فإذا وافقت عليها تم المطلوب وإذا لم يكن ذلك فالله يعين الزوج على البحث والتقصي كي يجد الدار المناسبة لها.<br />وعلى سبيل العرض جاءني شخص ما وطلب أن يرى إحدى الشقق المعروضة لدي فقمت بذلك وكانت زوجته معه ففتحت لهم باب الشقة وخرجت خارجاً أنتظرهم وما هي إلا وبرهة خرجوا من الشقة وعلامة الزعل على الزوج بادية وسارع بالقول هذه عاشر شقة تشوفها «المدام» ولا تعجبها، فعاجلته بالسؤال ولماذا ؟ فقال وهو يلتفت الى الوراء إنه المطبخ لم يعجب زوجتي لصغر مساحته مع العلم بأن الفرق بينه وبين ما تريده بسيطاً ولكن كما تعرف بأن المطبخ هو مملكة الزوجة، وعندما قلت له ولكن لم تسألني عن الجيران، فرد وقال :»يا معود ما يهمني هو المطبخ» جيران.. جيران يا أخي اغلق عليك باب دارك ولا تتهم جارك.<br />إذاً هذا هو المفهوم السائد لدى بعض الناس، ولكن هناك من يبيع بيته والسبب هو الجار فهذا فعلاً ما حصل لشخص أتى لي عارضاً فلته للبيع والسبب هو أولاد جاره المزعجين والذي حاول بشتى الطرق أن يحد من إزعاجهم له ولأهل بيته فباءت كل محاولاته بالفشل.<br />إني لا ألوم هذا أو ذاك ولكن اللوم ينصب على الجميع في تفهم حقوق الجار كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- «والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار الا من رحمه الله» صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.