<br />هل أنت أم، أم أن الأمومة لامست قلبك يومًا في يد حانية أو دعوة خفية؟<br />في أحد أزقة شارع الأعشى، بين جدران طينية تحفظ الأسرار والضحكات، كانت السعادة تتسلل كضوء الفجر الذي يبدد العتمة بصمت. تارةً تأتي في صرامة وضحى، التي صاغت من القسوة درعًا يحمي أبناءها من تقلبات الدنيا، وتارةً تظهر في حنان أم إبراهيم، حيث الدفء لا يحتاج إلى كلمات، بل يكفي أن ترفع رأسها وتبتسم. وأحيانًا، تنبثق من بيت أم جزاع، حيث الحب اللا مشروط لطوعة، وكثيرًا ما يُسكب في الأطباق قبل أن يملأ القلوب.<br />وضحى كانت كسورٍ يحمي من العواصف، وأم إبراهيم كنسيمٍ يبعث الدفء، وأم جزاع كنبعٍ يفيض بالعطاء. لكن أيهن كانت الأكثر سعادة؟ وأيهن كانت أكمل أو أكثر تقصيرًا في تربيتها؟ وكيف عبّرن عن حبهن وعواطفهن؟<br />فالأمهات بشر، تارةً يكتملن، وتارةً يخذلهن التعب في خضم المسؤوليات وصروف الحياة.<br />هل السعادة إلا أم؟، الأم ليست مجرد فرد في العائلة، بل مهندسة الفرح الصامت، تحوّل حتى الدروب الضيقة إلى فسحة من النور.<br />ليست الأمومة مجرد إنجاب، بل حبٌّ بلا حساب، ملاذٌ رغم التعب، تمامًا كما كانت أم جزاع تحتضن عطوة كابنة لم تنجبها، تمنحها الدفء كأن قلبها اتسع لطفلين لا فرق بينهما.<br />كلنا أمهات حتى تلك التي لم تُنجب، فالأمومة أوسع من أن تُحصر في ولادة، إنها صوت ينادي، ويد تربّت، وقلب يهب الحب دون مقابل.<br />الأم كغيمة، لا تختار أين تمطر، لكنها تمنح الحياة أينما حلت. هي قنديل في العتمة، ضوءه لا يحترق بل يتوهج محبة. ربما السعادة ليست فقط يد أم تحتضنك بعد يوم شاق، بل الأثر الذي يتركه هذا اللمس في روحك، كخيط نور يمتد في ذاكرتك مدى الحياة.<br />السعادة ليست شيئًا نملكه أو نفتقده، بل روحٌ تتشكل فيمن نحبهم. وأجملها تلك التي تُزرع في القلوب بصمت، لكنها تُزهر طوال العمر، كما تُزهر قلوب الأمهات الرؤومات.كل الامتنان للكاتبة بدرية البشر وفريق عمل شارع الأعشى على هذه التحفة الفنية.<br />@raedaahmedrr