على اثر صدور القانون المتعلق بالمسؤولية الطبية وانطلاق العمل به، طرحت مسألة تتعلق بالدعاوي القضائية التي يمكن أن يتقدم بها المريض للسلطات القضائية لتعويض الضرر الذي يمكن أن يكون قد لحق به، في هذا السياق أفاد القاضي والدكتور في القانون فريد بن جحا ل"الصباح نيوز"، انه في صورة تعرض مريض إلى خطإ طبي فان القانون عدد32 لسنة 2024، أصبح ينص صراحة على كون الضرر هو أساس المسؤولية الطبية وبكون الهياكل الصحية العمومية والخاصة ملتزمة موضوعيا عن الاضرار الناجمة عن أنشطتها وبالتالي تبنى القانون الجديد نظرية المسؤولية المفترضة كلما حصل ضرر نتيجة تدخل طبي وخول للمتضرر المطالبة بالتعويض عن ذلك الضرر في أجل اقصاه 10سنوات من تاريخ حصول الضرر أو سنة من تاريخ العلم به مع بعض الخصوصيات بالنسبة للاخطاء الحاصلة في مجال طب الأسنان.
واضاف بن جحا ان الدعوى العمومية تسقط بعد 3 سنوات من تاريخ حصول الضرر أو سنة من تاريخ العلم به.
 
تسوية رضائية
وبين ان القانون الجديد من شأنه أن يخفض من أجواء انعدام الثقة والتوتر بين المرضى والاطار الطبي لانه أحدث لأول مرة في القانون التونسي ما يعرف بالتسوية الرضائية في مجال الأخطاء الطبية (التعويض) وهذه التسوية تحد من الدعاوي المرفوعة لدى القضاء لانه سيقع احداث لجان جهوية تتولى النظر في مطالب التسوية الرضائية والتعويض فكل مريض يعتبر نفسه ضحية خطأ طبي سيتقدم بمطلب في التسوية الرضائية الى اللجنة المختصة وهي التي ستتعهد بابرام كتب صلح بين المتضرر والجهة المعنية بالتعويض (طبيب، مصحة، الدولة). 
ويقع اكساء كتب الصلح بالصيغة التنفيذية في أجل اقصاه ستة اشهر، وفي صورة التعويض للمريض فانه لا يمكنه اللجوء للقضاء للحصول على تعويض بنفس الضرر الا في صورة تفاقم ذلك الضرر وهو ما يندرج في إطار المسؤولية المدنية.
اما في خصوص المسؤولية الجزائية، قال جحا انه لمهنيي الصحة وتفاديا للحوادث السابقة التي حصلت والتي تم على أساسها ايقاف عدد من الاطباء مما أدى إلى هجرة العديد منهم وانعدام الثقة في العلاقة بين المريض والطبيب خاصة وقد ابرزت الوقائع براءة عدة أطباء سبق ايقافهم، ولتفادي مثل هذه الاشكاليات أصبح القانون الجديد يحد من التتبعات الجزائية ويشترط ارتكاب خطأ جسيم وهو ما تم تعريفه باللامبالاة بسلامة المنتفع بالخدمة الصحية مع ثبوت وجود فارق هام وملحوظ بين العناية المقدمة والمعطيات العلمية القائمة تنتج عنه أضرار للمريض.
 
صيغة جديدة للتتبعات الجزائية 
 وأضاف أن القانون الجديد في صورة التتبعات الجزائية ضد أحد مهنيي الصحة في علاقة بممارستهم لاعمالهم المهنية، فانه يجب على وكيل الجمهورية إعلام سلطة الاشراف القطاعي المهنية الراجعة لها بالنظر الطبيب حيث يقع إعلام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الذي يأذن بفتح بحث تحقيقي في موضوع التتبع وهو إجراء يشبه إجراءات التتبع بالنسبة للمحامين ويمنح نوعا من الحصانة للأطباء بخصوص المسؤولية الطبية عن الاعمال الطبية
 
 اذ يضيف الفصل 48 من القانون المذكور انه لا يمكن الاحتفاظ او الايقاف التحفظي بأحد مهنيي الصحة الا بعد أن يثبت الاختبار الطبي وجود قرائن جدية ومتضافرة على ارتكاب خطأ جسيم. 
وانتهى بن جحا الى التاكيد على انه في انتظار صدور النصوص الترتيبية الخاصة بهذا القانون والتي من المفترض صدورها في أجل اقصاه 6اشهر من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ فانه يتواصل النظر في قضايا المسؤولية الطبية المنشورة لدى المحاكم طبق القوانين الجاري بها العمل وكما سبق بيانه،
 وانه اذا ما تم اللجوء إلى القضاء المدني فانه سيقع تطبيق مجلة الالتزامات والعقود دون المرور بالتسوية الرضائية اما اذا اراد المريض التشكي جزائيا فانه يمكن له تقديم شكاية جزائية إلى النيابة العمومية دون أن يكون ملزما باثبات خطإ جسيم من طرف الطبيب. 
مشيرا الى ان طبيعة التزام الطبيب هو التزام ببذل العناية لكن في بعض الأحيان يكون التزاما ببذل نتيجة مثلما هو الحال في مجال جراحة التجميل أو في مجال التحاليل البيولوجية وان تطبيق القانون الجديد سيقلص من عدد القضايا المرفوعة لدى المحاكم وسيسمح بخلق نوع من الثقة بين الأطباء والمرضى من شأنه ان يحسن جودة الاعمال الطبية ويضمن في نفس الوقت حقوقا للمرضى وللاطباء بشرط أن يتعهد مهنيو الصحة بتثمين المسؤولية المدنية حتى تضمن تعويضا في صورة ثبوت المسؤولية الطبية.
سعيدة الميساوي