تنامي موجة رفض قرارات هيئة الانتخابات:  المســار الانتخــابي على المِحك

لجأت الهيئة العليا المستقلة للانتخابت الى قراءة دستورية خاصة بها اعتمدت على مبدإ أن لها الولاية العامة على الانتخابات

واتخذته حجتها في ادارة الشان الانتخابي وفق ما تقتضيه تصوراتها التي جعلتها لا تطبق قرارات المحكمة الادارية وتدفع البلاد الى مربع ازمة دستورية سياسية وانتخابية تقاس تطوراتها بالدقائق.

منذ ان اعلن فاروق بوعسكر عن القائمة النهائية للمترشحين للاستحقاق الرئاسي دون ادراج الثلاثي الذي تحصل على حكم من المحكمة الادارية مما اثار موجة من ردود الفعل اعادت تشكيل المشهد السياسي والانتخابي على وقع التشكيك والمس من مصداقية العملية الانتخابية برمتها، وقد اعتبرت خطوة الهيئة الاخيرة نسفا لما تبقى من مصداقية العملية الانتخابية ومن نزاهتها ومدى قدرتها على التعبير عن الارادة الشعبية.

وكانت اولى رود الافعال من المحكمة الادارية بواسطة الناطق باسمها او عبر قضاتها الذين دحضوا الحجة القانونية التي استندت عليها هيئة الانتخابات بل واستندوا على نفس النصوص القانونية والقرارات الصادرة عنها لابراز انهم احترموا الاجراءات والاجال القانونية في اعلام الهيئة بمآل الطعون والاحكام، لذلك اعتبروا أن ما قامت به الهيئة تجاوز قانوني صريح ومباشر.

هذا التعقيب الصادر عن المحكمة الادارية والذي فند ما اعتمده رئيس الهيئة من حجج قانونية فتحت الباب لموجة عارمة من الانتقادات الصادرة عن منظمات وعن خبراء للقانون الدستوري والقانون العام والاداري، واعتبروا ان ما قامت به هيئة الانتخابات خرق جسيم يهدد سلامة العملية الانتخابية برمتها ويمس من مشروعية وشرعية مخرجاتها لاحقا مما قد يؤثر سلبا على الاستقرار السياسي للبلاد.

لقد تعددت القراءات الدستورية وكان أكثرها وضوحا وصراحة ما صدر عن الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي فككت مبدأ الولاية العامة وقالت انه لا يمنح الهيئة حصانة ولا يجعلها مؤسسة فوق القضاء، وان كل اعمالها في علاقة بالمسار الانتخابي تقع تحت طائلة المراقبة القضائية والمساءلة وقدمت المحكمة الادارية على انها الطرف القضائي المكلف بنص القانون وصريحه بمراقبة اعمال الهيئة لضمان حقوق وحريات الناخب والمترشحين وضمان سلامة المسار الانتخابي برمته.

هذا المسار الذي اعتبره خبراء القانون الدستوري كذلك المحكمة الادارية مهددا لسلامة العملية الانتخابية باختيار الهيئة عدم تطبيق القرارات القضائية، انضمت اليه منظمات وطنية كاتحاد الشغل الذي اعتبر بدوره ان عدم احترام هيئة الانتخابات للقرار القضائي يمس من سلامة العملية الانتخابية ومن نزاهتها، نفس الموقف اتخذه رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان بسام الطريفي الذي انتقد بشدة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات واعتبر ان ما فعلته الهيئة يؤثر سلبا على العملية الانتخابية وعلى مصداقيتها ومشروعيتها، وهو ما ينسحب على العملية الانتخابية برمتها التي باتت فاقدة للمصداقية والشرعية في ظل عدم احترام القانون.

ينضاف الى ذلك انتقاد بعض المترشحين الذين وردت أسماؤهم في القائمة النهايئة كزهير المغزاوي او من الذين رفضت الهيئة الحاقهم بالقائمة وهم عماد الدايمي وعبد اللطيف المكي والمنذر الزنايدي الذين قدحوا في اعمال الهيئة وشككوا في حيادها ونزاهتها بشكل مباشر أو غير مباشر وحذروا من خطورة ما اتته واعتبروا ان ذلك ينعكس على العملية الانتخابية برمتها وعلى الاستقرار السياسي للبلاد.

مواقف لازالت تتواتر في ظل متابعة عدد من المنظمات للاحداث والتطورات لصياغة موقف او تصور تعبر به عن تقييمها للتجاوز القانوني الذي ارتكبته هيئة الانتخابات وفق المحكمة الادارية واساتذة القانون الدستوري من بينهم سلسبيل القليبي. في انتظار ذلك يبدو ان المشهد السياسي والانتخابي التونسي دخل في مرحلة عنوانها الابرز المغالبة وفرض الامر الواقع بما من شأنه ان ينسف كامل مسار العملية الانتخابية بنسفه لشرط اساسي وهو مصداقية هئية الانتخابات ومدى قدرتها على ادارة الشأن الانتخابي ومدى ضمان الصندوق للتعبير عن ارادة الناخبين.

اليوم وفي ظل الانتقادات الصريحة والمباشرة للهيئة واتهامها بعدم احترام القانون، فقدت الهيئة عنصرا اساسيا يجعلها الطرف الانسب والامثل لادارة العملية الانتخابية وهو التزامها بالنص القانوني واحترامها له وذلك بعدم التنصل منه او التأويل الخاص بها لأن ذلك يفقدها حيادها ونزاهتها اللذين بدونهما تفقد الانتخابات مشروعيتها السياسية والاخلاقية.

هنا تصبح كل اعمالها وما يترتب عنها محل انتقاد وطعنا في سلامتها وشرعيتها، بالتالي مهما كانت هوية الفائز في العملية الانتخابية سيكون تحت نيران الطعن في شرعيته القانونية ومشروعيته السياسية والانتخابية.