رغم تهاطل الأمطار سدود تونس في ادنى مستوياتها:  أي مستقبل نريد في ملف المياه

20.8 ٪ هي نسبة امتلاء السدود التونسية وفق معطيات نشرت خلال الساعات الـ48 الفارطة،

مما يطرح سؤالا جوهريا اليوم عن مستقبل المياه في البلاد التي شهدت خلال الايام الفارطة هطول كميات هامة من الامطار ورغم ذلك تقترب سدودها من النضوب.

مستقبل يبدو ان ضرورة التفكير فيه وعدم الاقتصار على الاستراتيجية الوطنية للمياه 2030 او 2050، التي وضعت وفق معطيات يبدو اليوم انه من الضروري ان تتم مراجعتها، فالمعطيات التي بنيت عليها الاستراتيجتان اذا شئنا ان نفصل بينهما، لا تقتصر فقط على مستوى الاجهاد المائي او نصيب الفرد في تونس من المياه سنويا بل هي وضعت بالاساس بالاستناد الى جملة من المعايير المتعلقة بالموارد المائية وعلى راسها كميات تساقط الامطار سنويا وخريطة التساقطات.

ففي الاستراتجية الوطنية التي تتضمن تحلية مياه البحر واعادة استغلال مياه الصرف الصحي، وقع ادارج مشاريع لبناء سدود وبحيرات تتركز اساسا في الشمال الغربي وبدرجة اقل في الوطن القبلي، استنادا الى خارطة تساقطات تعتمد على ان متوسط هطول الأمطار السنوي في تونس 223 ملم، مما يعنى هطول 520 مليون متر مكعب سنويا كمعدل عام في السنوات المطيرة.

هذه الكميات المحدودة من الامطار التي يقع تعبئة قرابة 2,7 مليون متر مكعب كموارد مياه سطحية يخزن حوالي 80 ٪ منها في سدود الشمال الغربي وبحيراته حيث يسجل سنويا معدل تساقط يقترب من إلى 1500 ملم/ السنة مقابل اقل من 100ملم في السنة لولايات الجنوب الذي يمثل قرابة ثلثي مساحة البلاد.

معطيات ترسم صورة اولية عن واقع المياه في البلاد التي تشهد تواتر مواسم الجفاف التي تمتد بين ثلاث سنوات وخمس شهدت فيها البلاد تراجعا حادا في كميات الامطار المتساقطة التي تدنت لتكون في حدود 110 مليون متر مكعب اي خمس المعدل السنوي تقريبا مما ادى الى تراجع موارد البلاد المائية الجوفية او السطحية.

تراجع يستمر رغم هطول امطار بكميات هامة تجاوز 200 ملم في بعض المناطق خلال الاسابيع الفارطة التي كشفت تغيرا في خاركة التساقطات ، لتشهد ولايات الوسط وخاصة الساحلية والجنوب وخاصة صفاقس تهاطل كميات هامة من الامطار، ولكن و للاسف لا يمكن تعبئتها لغياب البنية التحتية المناسبة وغياب السدود او البحيرات لذلك يكون مصير المياه المتساقطة اما تعبئة المائد المائدة الجوفية وهي في مناطق الساحل والجنوب محدودة او السيلان في اتجاه البحر الذي يستقبل سنويا سيول مياه الامطار التي تقدر كمياتها بخمسة اضعاف المياه التي يقع تعبئتها في السدود.

وضع راهن يستوجب ان تاخذ بعين الاعتبار هذه الخريطة الجديدة للتساقطات ودراستها لتحديد ما اذا كانت ظرفية ومدى استعادة الخارطة لتوزيعها القديم ام هي مؤشر على تغيرات ستشهدها البلاد جراء التغيرات المناخية والتي قد تعيد تشكيل المشهد المائي في البلاد. هنا تصبح المعرفة العلمية شرطا اساسيا للتخطيط والتوقي بدونها قد تتعمق ازمتنا باستزاف مواردنا المائية والمالية