نواب يدعون إلى اطلاق سراح المتتبعين في قضاء الرأي:  في الوحــدة الوطنية الحقيقية

أصدر احد عشر نائبا يوم 20 جانفي الجاري بيانا تحت عنوان «الوحدة الوطنية هي السبيل الأنجع لمجابهة التحديات المستقبلية»

دعوا فيه اجمالا الى انفتاح المناخ السياسي وإطلاق سراح المتتبعين في قضايا الرأي من «نقابيين وإعلاميين ومدونين ونشطاء» كما دعوا الى التسريع في الزمن القضائي « في قضايا السياسيين المنشورة في اطار الاحترام الكامل لمبدإ قرينة البراءة» .

هذا بالإضافة إلى «حماية النسيج السياسي والجمعياتي من اية تهديدات» و«تنقيح النصوص القانونية الزجرية» واستكمال بناء المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية وإعادة تفعيل الهيئات كـ «الهايكا» ..

ويندرج هذا كله حسب هؤلاء النواب في اطار تعزيز الصف الوطني عبر حوار يحقق فعلا الوحدة الوطنية المنشودة ..

الهام في هذا النص انه لم يصدر من خصوم ما يسمى بمسار 25 جويلية ولا من صفحات فايسبوكية مجهولة الهوية بل من نواب أعلنوا منذ البداية انخراطهم في مشروع الرئيس قيس سعيد لكنهم أعربوا فرادى منذ مدة عن قلقهم وخشيتهم من التضييق المستمر على الحريات ومن كثرة التتبعات القضائية للإعلاميين والنقابيين ونشطاء المجتمع المدني مع قلق واضح، لكنه لا يقال مباشرة، من القضايا المتعلقة بسياسيين من مشارب عدة الجامع بينهم فقط معارضتهم للسلطة الحالية ..

هذا القلق المعبر عنه اليوم بصفة رسمية وفي بيان جماعي علني مهم للغاية لأنه يعبّر على حالة تتجاوز كثيرا الأوساط التي أعلنت صراحة عن معارضتها للرئيس قيس سعيد ومشروعه السياسي .. انه قلق من داخل الفضاء المساند جاء ليقول أن تصحيح البوصلة اليوم أمر ضروري وأن التضييق على الأصوات المخالفة قد بلغ مداه وأن الاستمرار في هذا النهج مضر بالبلاد وبصلابة جبهتها الداخلية.

لا يشك أحد اليوم في حجم التحديات الضخمة الداخلية والخارجية التي تواجه بلادنا وأن المعالجات المقدمة الى حدّ اليوم لم تحقق الهدف المنشود من النهوض بالاقتصاد وخلق مواطن الشغل والقيام بالإصلاحات الضرورية في كل منظوماتنا الاجتماعية والاقتصادية من تعليم وتكوين مهني وصحة ونقل وبنية تحتية ومنظومات انتاج ومعالجة اقتصادية ناجعة للحد من اختلال التوازن التنموي بين الجهات ، وأن الشروع في حل هذه المعضلات الاساسية لن يتم بالانفراد بالرأي أو بإقصاء النخب والأجسام الوسيطة .

إن الديمقراطية والتعددية والحريات الفردية والعامة ليست ترفا للفئات البورجوازية كما يتصور البعض ..انها ضرورة ملحة لكل التونسيات والتونسيين حتى ولو أبدى الكثير منهم امتعاضهم منها وهي كذلك ضرورية للنهوض بالاقتصاد والقيام بالإصلاحات الاساسية التي ستكون منطلقا للارتقاء في سلاسل القيمة غدا .

الادماج هو سرّ النجاح في كل شيء..

الادماج الاجتماعي والإدماج الاقتصادي والإدماج العمراني أدلة ساطعة على هذا ، لكن الادماج السياسي هو الخيط الرابط بين جميع هذه المستويات وهو الذي يعطي لها معنى ويؤسس لمروية وطنية جامعة ويؤطر الحلم الوطني القادر على تحقيق إقلاع مادي ومعنوي جوهري في ظرف جيل واحد كما فعلت أمم عديدة كانت منذ عقود أقل نمو منا وأصبحت اليوم تجلس على طاولة الكبار ..

تونس أهم منا جميعا ومن مشاريعنا مهما عظمت وهي لن تُصلح إلا متى جمعت كل بناتها وأبنائها على تنوعهم واختلافاتهم إلا من ناصبها العداء ورفع السلاح ضدّها ..

نداء النواب الاحد عشر هو عبارة عن صيحة فزع تنتظر من يلتقطها لا في المقترحات فقط بل ف يما ترمز اليه من توسع دائرة القلق والضجر.