هل يجدر بالقطب القضائي والمالي الشروع في التحقيق مع ما يقارب الخمسين من رجال الأعمال المتمتعين حصريا بشرف توريد الملابس المستعملة”الفريب”دون غيرهم من التونسيين؟

من الجدير بنا أن نتساءل ما إذا كان القانون الجديد المتعلق بإلغاء رخصة بائعي الجملة في مجال الملابس المستعملة سيساهم في انخفاض أسعار هته السلعة بنسبة لا تقل عن ثلاثين بالمئة كان يكسبها هؤلاء أم أن نسبة المرابيح تلك ستبقى في جيوب رجال الأعمال الخمسين، المتمتعين حصريا برخص توريد تلك البضاعة من الخارج وأبنائهم وأسرهم أم أن الباب سيفتح لدخول مضاربين جدد من ذوي رؤوس الأموال في تنافس محموم كي يضعوا أياديهم على قسط من هذه البضاعة عالية الرواج والأساسية في تونس وهو ما سيتسبب في خسائر فادحة في جيوب المستهلك التونسي الغافل عما يحدث في عالم الفريب ؟
صدر منذ أيام قانون تم فيه إلغاء إلزامية الحصول على رخصة تجارة الملابس المستعملة بالجملة نهائيا وهو ما يعني التخلص من الوسيط (القشار) الذي كان يتمتع بدور المزود لتجار التفصيل، الرابط بين أصحاب رخص التوريد وباعة التفصيل فهل سيؤدي ذلك إلى تراجع أسعارها التي شهدت إرتفاعا حادا وبنسق متسارع وغير مسبوق في السنوات الأخيرة باعتبار أن تجار الملابس بالجملة كانوا يكسبون نسبا هامة من الربح لا تقل عن ثلاثين بالمئة من الثمن الذي يقومون بسداده للمورد أم أن تلك النسب الهامة من الأرباح ستحتفظ بها جيوب أصحاب رخص التوريد الحصرية التي ميزت بها الدولة ما يقارب الخمسين رجل أعمال وشرفتهم بها دون غيرهم من باقي أبناء الوطن. (تلك الرخص لا تعطى لأحد منذ عدة عقود)
ولقد لاحظ التونسيون ما تشهده كبريات المدن التونسية في السنوات الأخيرة من انتشار مثير للريبة لمحلات الملابس المستعملة الفاخرة والتي تفوق في فخامتها واتساعها محلات كبريات الماركات العالمية في تونس وبدت للعيان مظاهر الثراء الفاحش والمشبوه على أصحاب تلك المحلات (الملابس المستعملة) مما يدفعنا للتساؤل من خلال هذه المظاهر إن كان هناك مافيا للملابس المستعملة تتقمص دور رجل الأعمال الشريف والحريص على إكساء أبناء شعبه خاصة من الفئات المهمشة والفقيرة وحتى الطبقة المتوسطة التي لم يعد أمامها سوى اللجوء للملابس المستعملة لستر نفسها وكساء أبنائها.
صحيح أن القطاع يشغل الآلاف من الأشخاص ولكنه أيضاً قطاع يستنزف اقتصاد البلاد ومخزونها من العملة الصعبة فبعد التدقيق في الأرقام الرسمية لميزان المدفوعات بالعملة الصعبة للملابس المستعملة التي تم توريدها منذ سنة ألفين وعشرة وهو رقم مخيف وصادم ومحير بعد أن بلغ ما يقرب ألف مليون يورو وهو في الحقيقة رقم يتجاوز ذلك بأضعاف لأن طرق تسديد تكاليف تلك البضاعة ملتوية وتتم كذلك تحت الطاولة يتسلم فيها المصدر الأوروبي أمواله نقدا من الوسطاء الكثيرين الذين يبحثون عن تحويل أموالهم من العملة الصعبة إلى الدينار التونسي باسعار تفوق ما يحددها البنك المركزي في حين ان جملة مداخيل صادرات الملابس المستعملة تكاد تكون لا تذكر لأنها لا تتجاوز العشرة ملايين يورو سنويا
الملف حارق وخطير ولا يتحمل التأخير وقد يستدعي تدخل رئيس الجمهورية شخصيا لتشعبه وكثرة المتورطين فيه والذي قد يتسبب في سقوط شبكات خطيرة لتبييض الأموال وتجار العملة في السوق السوداء وبعض الموردين الذين يسوغون رخصهم بطرق مخالفة للقانون لبعض المضاربين الحالمين بالثراء الفاحش والسريع وحتى الكثير من كبار موظفي الدولة في بعض الوزارات والمؤسسات الوطنية وغيرهم من المساهمين مباشرة وبوضوح في عجز الميزان التجاري التونسي؟

The post شُبهات فساد بقطاع توريد الملابس المستعملة ” الفريبْ” فهل يقع فتح هذا الملف؟ appeared first on موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس.