لأن في ذلك جهل بالواقع والعادات الطيبة التي ورثناها وكانت أساس الإقتصاد وأساس التقشف عند العائلات الصفاقسية التي كانت تدخر <عولتها > بأرخص التكاليف وكانت هناك بيت في كل منزل ( برج) تسمى بيت العولة وكانت تشمل كل ما تحتاجه العائلة من مؤنة تكفي لمدة سنة………
كل العائلات بصفاقس تخزن ولمدة سنة، زيت الزيتون،النعمة من كسكسي ومحمصة وسميد ودقيق لصنع الخبز علاوة على القديد المقلى في الزيت كما كنا نخزن البرغل وفي الصيف نعجن الطماطم ونخزنه في قوارير كما نقوم بتمليح الفلفل والزيتون ……..
كانت أمي رحمها الله تقوم بخزن أشياء أخرى مثل التن والسردينة والهريسة،كما كانت تقوم بتشييح الأخطبوط، والتين ليصبح شريحا،كما كانت تقوم بعولة التوابل ومعجون الغلال خاصة منه معجون الصفرجل والتفاح والبرتقال. كنا لا نشتري شيأ من السوق لان الخضر كلها مزروعة في الجنان مثلها مثل الغلال كلها من الجنان.كانت الحياة رونق وكنا نستغل عادات العولة لمزيد التقارب والتحابب ،إنها أيام جميلة كانت فيها العائلة منتجة ومدخرة وكان كل رب عائلة يعيش حسب إمكانياته وكان أثرياء القوم لا يتكبرون على من كان محدود الدخل بحيث لا تعرف من هو ثري ومن هو فقير لأن اللباس كان عاما وكانت الناس لا تتبجح بما لها من تفوق بل كانت السهرات العائلية تطغى على الخروج للمقاهي وكانت السهرات في رمضان فيها رونق حيث تبدأ بالدرس وقرآة القرآن ثم صلاة التروايح وبعد اتيان الفرض الديني تبدأ السهرة بأنواعها حيث ينزوي كل فصيل من نوعه في زاوية من زوايا البرج ويمتد السمر إلى ساعات متأخرة من الليل إلى أن يحل وقت السحور وهكذا دواليك لحياة لم تبقى منها إلا الذكريات.
The post ويا ليته ما تكلم عن العادات والتقاليد… appeared first on موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس.