قدّم مجمع اللغة العربية بالشارقة أحدث مشاريعه الكبرى وهو « المعجم التاريخي للغة العربية »، الذي يُعدّ من أبرز المشاريع الثقافية في العالم العربي، وذلك خلال مؤتمر صحفي انعقد اليوم الخميس ضمن فعاليات الدورة الـ43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب (6 – 17 نوفمبر 2024).

واستغرق العمل على إعداد هذا المعجم التاريخي نحو سبع سنوات من البحث المتواصل والتدقيق، حيث بدأ المشروع عام 2018 واستكمل في عام 2024. وتطلّب إعداد هذا المعجم جهودا علمية ومادية ضخمة، إذ شارك في إنجازه العديد من اللغويين والمختصين في تاريخ اللغة العربية من مختلف أنحاء العالم العربي من ضمنهم أساتذة باحثون ومختصون من تونس.

ويتميز هذا المعجم بكونه أوسع وأعمق معجم لغوي يتناول تاريخ اللغة العربية، بما يتضمنه من 127 مجلدا يضم ما يقارب 11386 جذرا و70313 كلمة و351103 من الشواهد اللغوية. كما يقدم صورة كاملة عن تاريخ اللغة العربية عبر الأزمنة المختلفة بداية من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث (2020م). ويشتمل المعجم على 25840 فعلا و44392 اسما و81 أداة، مع مراعاة جميع التغيرات التي طرأت على الألفاظ العربية.

ويعتبر المعجم التاريخي للغة العربية بمثابة ديوان شامل يضم كل ألفاظ اللغة العربية مع توثيق تاريخ استخدامها وتطور دلالاتها عبر الأزمنة. كما يعتمد المعجم على دراسة شاملة لأساليب اللغة العربية على مر العصور المختلفة من العصر الجاهلي مرورا بالعصر الإسلامي والعصر العباسي، وصولا إلى العصور الحديثة.

وقال عضو مجلس أمناء مجمع اللغة العربية بالشارقة محمد حسن خلف، إن المعجم التاريخي للغة العربية هو بمثابة مرجع تاريخي هام لكل باحث أو مهتم باللغة العربية لما يحوزه من دراسة شاملة وعميقة للغة العربية في مختلف مراحلها التاريخية، وذلك من خلال متابعة تطور الألفاظ ومعانيها عبر العصور، وفهم تأثير اللغة العربية في ثقافة الأمة العربية وحضارتها.

وأكد أن العمل على هذا المعجم لن يتوقف، بل سيتواصل أيضا وفق مدى تطور اللغة العربية، مشيرا إلى أن تطور اللغة يساير التطور البشري والتكنولوجي.

كما أعلن عن توفير منصة رقمية لهذا المعجم وكذلك توفير تطبيق على الهواتف الذكية لتشجيع الشباب على الإلمام باللغة العربية من ذلك مثلا تطوير تطبيق في الذكاء الاصطناعي من أهم خصائصه التحادث مع مستخدميه حول اللغة العربية والجذور والألفاظ وسياقات استخدامه تاريخيا وحديثا.

من جانبه، تحدث محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية والمدير التنفيذي لمشروع إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية، عن أهمية هذا المعجم وتطوره، مشيرا إلى أن التكنولوجيا الحديثة قد سهلت جمع المعلومات والبيانات في وقت قياسي مقارنة بالطرق التقليدية التي كانت تستغرق سنوات طويلة.

واستعرض المستغانمي بعض الصعوبات التي وجدها الفريق العامل على هذا المعجم منها جائحة كوفيد التي أبطأت نسق تقدم الأعمال وكذلك وجود بعض الخلافات بين الأساتذة المختصين حول بعض المسائل اللغوية ومشتقاتها. وأوضح أن الخلافات تمّ حسمها بالنقاش البناء وقد تمّ اتباع منهج علمي واضح في عملية البحث والتنقيب عن مصادر الكلمات ومعانيها وكذلك في تصنيف الأفعال والمشتقات. وشدد على أهمية المعجم في توثيق المصطلحات الدينية والأدبية والنحوية.

وبين أنه تم التركيز في هذا المعجم على الشواهد اللغوية، إذ أرفقت كل كلمة بتوثيق دقيق لمصدرها وسياق استخدامها، وذلك بالاعتماد على النقوش القديمة واللهجات الجاهلية والشعر الجاهلي مثل المعلقات والأصمعيات، بالإضافة إلى مصادر دينية وأدبية أخرى مثل كتب التفسير والحديث النبوي الشريف السيرة النبوية وكتب التاريخ.

ووفق ما أبرزه الباحثون، يتفرد المعجم التاريخي في طريقة تقسيمه للبحث اللغوي، حيث يركز على دراسة تاريخ كل لفظ وجذر من خلال تبيان تطور الجذر العربي عبر الزمن من حيث الصرف والتركيب مع توثيق دقيق لكل معنى استخدمته الكلمة في مختلف العصور ويدرس تاريخها من خلال النصوص التي وردت فيها. كما يحلل التغيرات التي طرأت عليها بمرور الزمن.

The post شارك في إنجازه أساتذة تونسيون واستمرّ العمل عليه 7 سنوات… المعجم التاريخي للغة العربية يرى النور appeared first on موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس.