تصاعد في المدة الأخيرة الخطاب العنصري الذي يستهدف أساسا المهاجرين جنوب الصحراويين الذين دخلوا إلى تونس عبر حدودها الغربية والشرقية بغرض عبور المتوسط والوصول إلى ضفته الشمالية عبر إيطاليا بحكم قربها من تونس. وقد تحوّل تواجد العديد من هؤلاء المهاجرين إلى إقامة مطوّلة نسبيّا خاصة منذ مذكّرة التّفاهم حول “الشراكة الاستراتيجيّة والشّاملة” مع الاتحاد الأوروبي التي أمضاها قيس سعيد تحت رعاية رئيسة الحكومة الإيطالية، اليمينيّة المتطرّفة، ميلوني في 16 جويلية 2023 وهي اتفاقيّة تجعل من تونس حارس حدود مقابل حفنة من اليوروات. إنّ الأرقام تشير إلى أنّ عدد “الحارقين” إلى إيطاليا لم يتجاوز منتصف مارس 8 آلاف في حين تجاوز منذ عامين 20 ألفا. وقد حكم ذلك على آلاف من الجنوب صحراويين الذين “تصطادهم” السلطات الأمنية بالبقاء في بلادنا في ظروف لا إنسانية منافية للاتفاقيات الدولية بما فيها التي أمضتها تونس والتي تضمن الكرامة والرعاية والمعاملة الإنسانية للمهاجرين غير النظاميين في مختلف أنحاء العالم.
وعوض التدخل سواء للتصدي للخطاب العنصري أو لحل الإشكالات الطارئة خاصة في جهة صفاقس التي تستقطب العدد الأكبر من المهاجرين، تخيّر سلطة الانقلاب ترك المهاجرين غير النظاميين المحرومين من كل شيء في مواجهة مباشرة مع المواطنين/المواطنات ملازمة الصمت حيال كل ما يحصل لهم بل تشارك فيه عبر أجهزتها الأمنية وخطاب وسائل إعلامها وبعض أعضاء مؤسساتها (البرلمان)، هذا الخطاب التحريضي الفاشي المقرف تحوّل إلى دعوات معلنة للاعتداء على المهاجرين والتنكيل بهم وهو ما تمّ في أكثر من مرة بأشكال إجراميّة خطيرة مثل حرق الخيام والاعتداء بالعنف. وما من شكّ في أنّ مرجعية هذا الخطاب وهذه الممارسات العنصرية تعود شكلا ومضمونا إلى خطاب قيس سعيد الذي نقل على الأثير في فيفري 2023 والذي اتهم فيه تسلل هؤلاء المهاجرين إلى بلادنا هربا من الجوع والفقر والحروب بنيّة التوجه إلى أوروبا عبر إيطاليا بالتآمر على بلادنا بهدف “تغيير تركيبتها الديمغرافيّة وهويتها العربية الإسلاميّة” وهو نفس الخطاب الذي يروّجه اليمين المتطرف في أوروبا ضدّ بناتنا وأبنائنا المهاجرين وضد المسلمين والملوّنين لتحميلهم مسؤولية أزمة النظام الرّأسمالي المتفاقمة وتبعاتها.
إنّ حزب العمال المناهض للعنصرية مهما كان مصدرها وسياقها في بلادنا، كما خارجها، والمنحاز للقيم والمبادئ الكونية والإنسانية التقدمية الرافضة لكلّ تمييز أو انتهاك لكرامة وحقوق البشر مهما كان لونه أو عرقه أو جنسه أو ثقافته:
The post بيان حزب العمال : “موجة عنصرية ضدّ المهاجرين جنوب صحراويّين لتغطية العجز والفشل” appeared first on موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس.