عقدت لجنة المالية والميزانية جلسة، يوم امس، استمعت خلالها إلى وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب حول مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 22 فيفري 2024 بين الجمهورية التونسية والصندوق السعودي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تجديد وتطوير السكك الحديدية لنقل الفسفاط.
 
وفي بداية الجلسة قدمت الوزيرة عرضا حول هيكلة قطاع الفسفاط ومشتقاته والتي تتمثل في شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي بالإضافة الى عديد الشركات ذات العلاقة بالنشاط التحويلي للفسفاط.
 وبيّنت أن مساهمة القطاع بلغت حوالي 3 % من الناتج الوطني الخام قبل 2011 مقابل أقل من 1 % حاليا. ويمثل 10 إلى 12 % من قيمة الصادرات قبل 2011 مقابل حوالي 3 % حاليا كما يوفر أكثر من 14000 موطن شغل.
وأفادت أنه تم رسم استراتيجية ترتكز أساسا على دعم منظومة إنتاج ونقل وتحويل الفسفاط، موضحة أن نشاط النقل الحديدي يعتبر الشريان الذي يربط بين نشاط الاستخراج ونشاط التحويل ولا يمكن تطوير القطاع والنهوض به واسترجاع نسق الإنتاج دون تطوير منظومة النقل الحديدي.
كما قدّمت معطيات حول تطور نشاط النقل الحديدي للفسفاط من سنة 2010 إلى سنة 2023 ، مشيرة إلى أن تعريفة النقل الحديدي تضاعفت بداية من سنة 2016 كدعم من شركة فسفاط  قفصة لمنظومة النقل الحديدي، إضافة إلى تطبيق زيادة في اتفاقية  سنة 2023 بـ 20%.  كما بيّنت أن طاقة النقل الحديدي تراجعت خلال السنوات الفارطة لتصل الى حوالي 1,1 مليون طن فقط سنة 2020، بسبب التحركات الاجتماعية بمدن الحوض المنجمي وبمراكز التحويل وكذلك بالسكة الحديدية. وأضافت أنّه بالرغم من التحسن الملحوظ في المناخ الاجتماعي، لم يتحسّن نسق كمية الإنتاج التي لم تتجاوز1,7 مليون طنا سنة 2023.
واستعرضت أهم الإشكاليات التي أدت إلى تراجع هذا القطاع أهمها العجز الهيكلي في منظومة النقل الحديدي للفسفاط وتوقف نقل الفسفاط على خطوط السكة الحديدية عدد 13و 15 و16 و21. وأكّدت أن أبرز الرهانات تتمثل في إصلاح منظومة النقل الحديدي لاستعادة نشاط قطاع الفسفاط ومشتقاته وتمكين شركات القطاع من استرجاع عافيتها المالية ومكانتها في الأسواق العالمية.
 
وأضافت أن الوزارة بصدد العمل مع مصالح وزارة النقل بهدف اعداد اتفاقية تتعلق بمتابعة تنفيذ الالتزامات التعاقدية الخاصة بنقل الفسفاط ومشتقاته. كما أوضحت أن مشروع النقل الهيدروليكي للفسفاط المبرمج من طرف شركة فسفاط قفصة لا يمكن ان يعيق الاستثمارات المبرمجة من طرف الشركة الوطنية للسكك الحديدية باعتباره سيدعم نشاط النقل.
 
وفي بداية النقاش أكّد رئيس اللجنة أن معضلة قطاع الفسفاط تثمثّل في النقل، مضيفا أنّه تطوّر عبر العالم وأصبح يتمّ بضغط المياه. وشدّد على ضرورة الإصلاح الجذري للقطاع وغم انه مكلف ويتطلب وقتا طويلا. وأضاف انه يمكن للوظيفتين التشريعية والتنفيذية العمل معا لتقديم مبادرة للنهوض بهذا القطاع الإستراتيجي.
 
وأثار النواب إشكاليات تتعلّق خاصة بالأسباب التي أدت إلى تقلص الإنتاج وتراجع مساهمته في الناتج المحلي وانعكاساته المباشرة على موارد ميزانية الدولة. وبيّنوا أن تطوير النقل الحديدي للفسفاط يعتبر حلقة من بين الحلقات التي تتطلب التدخل لكنه لا يمكّن من معالجة مشكل القطاع. وأشاروا في هذا الصدد  الى النقص في الموارد البشرية المختصة وغياب المواد المستعملة في استخراج الفسفاط إضافة إلى تداعي البنية التحتية للمغاسل و كذلك تعسر نقل الفسفاط الخام بين المناجم والمغاسل التي تتطلب إعادة الصيانة. كما تساءلوا عن كيفية مساهمة إصلاح السكك الحديدية وتجديدها في الرفع من إنتاج الفسفاط من 2 إلى 12 مليون طن في أفق 2025
 
وأوصى النواب بالإطلاع على تجارب مماثلة في العالم  للاستفادة منها وبتعصير قطاع الفسفاط ، مؤكدين أن معالجته لا تكون أحادية باعتباره يمس عديد الوزارات. وأكّدوا ضرورة إيلاء العناية اللازمة للبعد الاجتماعي للعاملين في القطاع باعتباره المشكل الأساسي الذي أثر على الإنتاج خلال الفترة السابقة.  كما أوصوا بتوفير الحماية الصحية والتحفيزات، وبتثمين المنتوج واستفسروا عن مدى  قدرة المجمع الكميائي  على توفير حاجيات السوق المحلية.
 
وفي تفاعلها مع استفسارات النواب أكدت الوزيرة أن المصلحة العليا تقتضي النهوض بقطاع السكك الحديدية ومنحه هذا التمويل لضمان تطوير الإنتاج كأحد الرهانات الأساسية للنهوض بالقطاع. وأشارت الى وجود برنامج متكامل لتسريع وتطوير المشاريع المعطّلة. وأشارت الى مخاطر نقل الفسفاط عبر الشاحنات إضافة الى حوادث الطرقات، معتبرة أن النقل الحديدي يوفّر أكثر ضمانة. 
 
وأفاد ممثل الوزارة أنّ معالجة قطاع الفسفاط يتطلّب رؤية شاملة لا تقتصر على النقل الحديدي بل تأخذ في الاعتبار مسألة الاستخراج والتحويل والتسويق  ومعالجة كل العوائق المتصلة به بصفة متزامنة. وبين أنه تم رصد استثمارات لصيانة جهاز الإنتاج وتحريك الأتربة، وتعرّض للدور الذي يقوم به المجمع الكميائي التونسي في تثمين الفسفاط مما يعطيه قيمة مضافة عالية و يجعله مدرا للعملة الصعبة.
 
من جهته أفاد مدير عام الشركة الوطنية للفسفاط أن 3.2 مليون طن من الفسفاط التجاري جاهز للنقل إلى وحدات التحويل، مشيرا الى عجز قطاع النقل الحديدي الحالي عن تأمين 7 سفرات يوميا. وبيّن انه يتم الاقتصار على 3 سفرات  فقط وهو ما يتطلّب ضرورة اللجوء إلى النقل عبر شاحنات خاصة.
 
وبخصوص نقل الفسفاط الخام بين المناجم السطحية والمغاسل بين أنه تم استثمار حوالي 63 مليار خصصت لاقتناء 18 شاحنة بحمولة 60 طن و6 محملات هيدروليكية بسعة 55م3 وتم استكمال كل الإجراءات بشأنها وستدخل قريبا حيز الاستغلال.  وأشار الى وجود برنامج لرصد استثمارات لفائدة شركة نقل المواد المنجمية، مضيفا انه تم في إطار قانون المالية لسنة 2024 رصد 240 مليار لشراء معدات جديدة لتطوير اليات الإنتاج. وأوضح أن المشكل الحقيقي لا يكمن في  المغاسل بل في ضرورة تجديد اجهزة الإنتاج.
 
ومن جهتة بين مدير عام المجمع الكيميائي أن المشكل الحقيقي للمجمع يتمثّل في النقل بصفته عاملا مباشرا . واعتبر أن الفاصل بين المجمع والمواد الأولية كالفسفاط والكبريت هو النقل، موضحا أن هناك برنامج وجهود تبذل لتذليل الصعوبات ولتجاوز العراقيل سواء المتعلقة بتجديد وصيانة جهاز الإنتاج  أو توفير اليد العاملة والإطارات المختصة  في إتجاه تطوير القطاع والتسريع في المشاريع المعطلة.
وفيما يتعلق بملف التلوث الهوائي والبيئي الناتج عن إتلاف المادة الفوسفوجيبس بين أن المسألة الصحية والبيئية تمثل أولولية مطلقة بما يوجب إيجاد الحلول المبنية على أساس علمي بتدخل جميع الأطراف مع تشريك الخبراء.
 
ومن جهتة، قدّم المدير العام الفني للمجمع معطيات حول الدور الذي يقوم به المجمع في تثمين الفسفاط مما نتج عنه الحصول على براءة إختراع يتم تسويقها وبيعها في الخارج وهو ما أدّى بدوره إلى الرفع من القدرة التنافسية لقطاع الفسفاط.
كما أكد أن تلبية الحاجيات الوطنية من المواد الأولية تحظى بأولوية مطلقة أمام التصدير وتندرج في إطار الأمن القومي الغذائي خاصة تلك المتعلقة بحاجيات قطاع الفلاحة.
وقد أوصى النواب كذلك بالتصدّي لشبهات الفساد في تسيير الشركات المعنية، واقترحوا تكوين لجنة لتدارس الحلول الكفيلة بتطوير نشاط القطاع واسترجاع مكانته في السوق العالمية بناء على مخطط استراتيجي طويل الأمد. وأكّدوا ضرورة التعويل على الذات والتفكير في خطة لتثمين المخزون وتوجيهه لتطوير الصناعة المحلية لتلبية الحاجيات الوطنية.  واقترحوا القيام بزيارة ميدانية للحوض المنجمي.