ليس من باب الصدف أو المنّة أن يكون نجم الأغنية التونسية والعربية لطفي بوشناق ضمن الاسماء اللامعة والمؤثرة بشكل واضح في برامج مهرجاناتنا الدولية المتنوعة في مختلف الجهات، من حيث القيمة الإبداعية، وأن يتصدر حضوره في جل التظاهرات قائمة الفنانين المشاركين.. ذلك أن مسيرته الفنية طيلة نصف قرن، والتي أجاد فيها أنماطا غنائية متعددة على غرار الأغاني الرومنسية والملتزمة والدينية والكلاسيكية كما الأعمال الصوفية وذات الطابع الأوبيرالي وغيرها.. تشفع له وتجعله دائما محل انتظارات الجماهير الواسعة، بل من شأنها أن تفند كل ردود الأفعال التي تحوم حولها أفكار من قبيل ضرورة التفكير في طاقات إبداعية شابة ومنحها فرص النجاح بدل الإصرار على تواتر  دعوة الفنان الكبير لطفي بوشناق.. 
ورغم أنّ منطق الأشياء وفي إطار ضمان جانب الإنصاف من حيث منح الفرص للمبدعين الشبان لاعتلاء أركاح المسارح وتقديم منتجاتهم الفنية، فإنّ بوشناق صاحب "ريتك ما نعرف وين" و"نسايا" و"ليلى" وغيرها وأبرز المدعويين في التظاهرات الفنية والثقافية هذه الصائفة فرض وجوده في اكبر المهرجانات على غرار مهرجان قرطاج ومهرجان سوسة ومهرجان بنزرت ومهرجان المهدية ، باعتبار أنه يمتلك من المؤهلات الفنية والرصيد الهائل من الأغاني التي تجعله رقم واحد من حيث الإقبال الجماهيري، فضلا عن تجدده وعالمه المتفرد من حيث انتقاء الأعمال وخلق برامج عمل حديثة تتماشى مع مختلف الأذواق.. 
ولعل ذلك ما جعله يكون محل انتباه الهيئات المديرة للمهرجانات الدولية -ذلك أنه الى جانب مشاركته في المهرجانات السالف ذكرها سيحيي كذلك سهرات في كل من مهرجان بوقرنين ومهرجان الكراكة بحلق الوادي-.. 
في المقابل، كان بعض الفنانين التونسيين هذا الموسم في المهرجانات الدولية على غرار زياد غرسة وأعضاء "الزيارة" لسامي اللجمي وفناني الراب من أبرز المدعويين ، رغم غياب الإنتاجات الجديدة واعتماد نفس البرمجة تقريبا ، ولكن من الواضح أن المسؤولين عن تلك التظاهرات -مكره أخاك لا بطل- رجحوا الكفة الى الإقبال الجماهيري، دون المزيد من البحث في ٱليات للدعم ومحاولة استقطاب فنانين دوليين يكون لهم الأثر البليغ في عنصري الفرجة والتثقيف على حد السواء..
لكن يبدو أن "السوق الفني" القائم على ضمان الارباح المالية أصبح طاغيا على سياسات مهرجاناتنا في ظل غياب توجه واضح، وعدم تحول صناعة المجال الموسيقي الى صناعة وأن تصبح المهرجانات قادرة على تمويل ذاتها.. طبعا لا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا تم العمل على تغيير الممارسات القديمة والقطع مع التقيد بالتمويل العمومي بتصور مالي عصري مع الحرص على أن  تكون تعيينات الهيئات المديرة للمهرجانات وفق معايير فنية مختصة لا أن تكون سياسية..بل يجب أن تضم إدارات المهرجانات كفاءات مختصة في كل الجوانب لإنجاح مشاريع ثقافية قائمة الذات.. وعدم تعيين فنان أو موسيقي على راس الهيئات الفنية للمهرجانات لأنه غالبا ما يفتقد اولائك المسؤولين مهارات التسيير الاداري والمالي مما ساهم في خسائر مالية فادحة طيلة السنوات الماضية..
إجمالا، وجب تسليط الضوء على تغيير سياسة المهرجانات التي أصبح همها الوحيد جني الأموال، فمن المؤسف أن نشير في ذات السياق الى أن العديد من "الفنانين" اعتلوا أركاح أعتى المسارح هذا الموسم وغنوا "بلاي باك" اغلبهم اعتمد تقنية "الاوتوتيون".. وهنا نتحدث عن فناني الراب.. ولا حسيب ولا رقيب!! والحال أن العديد من الأسماء تتكرر كل موسم.. لا لشيء إلا لانها اكتسبت محبة ومتابعة شريحة واسعة من الجمهور..
لتصبح الغاية الوحيدة "الصولد ٱوت" وضمان توافد أكبر عدد ممكن من الجماهير حتى ينعت العرض بالناجح والمتميز وتدر الأموال.. 
وليد عبد اللاوي